غاية الأمر أنّه يختلف التلبّس به في المضيّ أو الحال، فيكون التلبّس به فعلاً لو أُخذ حرفةً أو ملكةً، ولو لم يتلبّس به إلى الحال أو انقضى عنه، ويكون ممّا مضى أو يأتي لو أُخذ فعليّاً، فلا يتفاوت فيها أنحاء التلبّسات وأنواع التعلّقات، كما أشرنا إليه (١).

٥ - المراد بـ « الحال » في عنوان المسألة

خامسها: أنّ المراد بالحال - في عنوان المسألة - هو حال التلبّس (٢)، لا حال النطق ؛ ضرورةَ أنّ مثل: « كان زيدٌ ضارباً أمس »، أو « سيكون غداً ضارباً » حقيقةٌ إذا كان متلبّساً بالضرب في الأمس في المثال الأوّل، ومتلبّساً به في الغد في الثاني، فجرْيُ المشتقّ حيث كان بلحاظ حال التلبّس - وإن مضى زمانه في أحدهما، ولم يأت بعدُ في الآخر (٣) - كان حقيقةً بلا خلاف.

ولا ينافيه الاتّفاق على أنّ مثل « زيدٌ ضاربٌ غداً » مجازٌ ؛ فإنّ الظاهر أنّه في ما إذا كان الجريُ في الحال - كما هو قضيّة الإطلاق -، والغد إنّما يكون لبيان زمان التلبّس، فيكون الجريُ والاتّصاف في الحال، والتلبّسُ في الاستقبال.

ومن هنا ظهر الحال في مثل: « زيدٌ ضاربٌ أمس » وأنّه داخلٌ في محلّ الخلاف والإشكال. ولو كانت لفظة « أمس » أو « غد » قرينةً على تعيين زمان النسبة والجري أيضاً كان المثالان حقيقةً.

__________________

(١) في الأمر الأول من مبحث المشتق، بقوله: واختلاف أنحاء التلبّسات حسب تفاوت مبادئ المشتّقات... لا يوجب تفاوتاً في ما هو المهم.... انظر الصفحة: ٦١.

(٢) حقّ العبارة: « هو حال النسبة »، وإلّا يلزم كون المشتق حقيقة في ما لم يتلبّس بعدُ أيضاً ؛ لأنّ الذات متلبّسة بالمبدأ في حال التلبّس، فضلاً عمّا انقضى عنه المبدأ. والظاهر أنّه سهوٌ من القلم أو من الناسخ ( كفاية الأُصول مع حاشية المشكيني ١: ٢٣٩ ). وراجع حقائق الأُصول ١: ١٠٧.

(٣) في حقائق الأُصول ومنتهى الدراية: في آخر.

۳۸۳۱