حيث ليس منهما عينٌ ولا أثر في الأخبار والآثار، وكانا ممّا يغفل عنه العامّة، وإن احتمل اعتبارَه (١) بعضُ الخاصّة (٢)، فتدبّر جيّداً.

عدم جريان البراءة الشرعية في المقام

ثمّ إنّه لا أظنّك أن تتوهّم وتقول: إنّ أدلّة البراءة الشرعيّة مقتضية لعدم الاعتبار، وإن كان قضيّة الاشتغال عقلاً هو الاعتبار ؛ لوضوح أنّه لابدّ في عمومها من شيءٍ قابلٍ للرفع والوضع شرعاً، وليس هاهنا ؛ فإنّ دَخْلَ قصد القربة ونحوها في الغرض ليس بشرعيّ، بل واقعيٌّ.

ودَخْلُ الجزء والشرط فيه وإن كان كذلك، إلّا أنّهما قابلان للوضع والرفع شرعاً، فبدليل الرفع - ولو كان أصلاً - يُكشف أنّه ليس هناك أمر فعليّ بما يعتبر فيه المشكوك، يجب الخروج عن عهدته عقلاً، بخلاف المقام، فإنّه عُلم بثبوت الأمر الفعليّ، كما عرفت (٣)، فافهم.

المبحث السادس

مقتضى إطلاق الصيغة هو الوجوب النفسيّ التعيينيّ العينيّ

قضيّة إطلاق الصيغة كون الوجوب نفسيّاً، تعيينيّاً، عينيّاً ؛ لكون كلّ واحد ممّا يقابلها يكون فيه تقييد الوجوب وتضييق دائرته (٤). فإذا كان في مقام

__________________

(١) الأولى: تثنية الضمير، باعتبار الوجه والتمييز، وإن كان إفراده صحيحاً أيضاً، باعتبار رجوعه إلى « القصد ». ( منتهى الدراية ١: ٤٩٢ ).

(٢) نسب اعتبار قصدهما في مفتاح الكرامة ٢: ٣١٤ إلى جماعة من الفقهاء، منهم: الراوندي وابن البرّاج وأبي الصلاح والمحقّق في الشرائع والشهيدين والمحقّق الثاني و....

(٣) في تأسيس الأصل، حيث قال في الصفحة السابقة: فاعلم أنّه لا مجال هاهنا إلّا لأصالة الاشتغال.

(٤) أثبتنا الجملة كما وردت في « ر » وحقائق الأُصول، وفي الأصل وبعض الطبعات: « تقييد الوجوب وتضيّق دائرته »، وفي « ن » و « ش »: « تقيّد الوجوب وتضيّق دائرته ».

۳۸۳۱