المبحث التاسع
عدم دلالة الصيغة على الفور أو التراخي
ألحقّ: أنّه لا دلالة للصيغة لا على الفور ولا على التراخي. نعم، قضيّة إطلاقها جواز التراخي.
أدلّة وجوب الفور و الإشكال فيها
والدليل عليه: تبادُرُ طَلَبِ إيجاد الطبيعة منها بلا دلالةٍ على تقييدها بأحدهما، فلابدّ في التقييد من دلالةٍ أُخرى، كما ادُّعي (١) دلالةُ غيرِ واحدٍ من الآيات على الفوريّة.
وفيه منعٌ ؛ ضرورةَ أنّ سياق آية ﴿وسارِعُوا إلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُم﴾ (٢) وكذا آية ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ﴾ (٣) إنّما هو البعث نحو المسارعة إلى المغفرة والاستباق إلى الخير، من دون استتباع تركهما للغضب والشرّ ؛ ضرورةَ أنّ تركهما لو كان مستتبعاً للغضب والشرّ كان البعث بالتحذير عنهما أنسب، كما لا يخفى، فافهم.
مع لزوم كثرة تخصيصه في المستحبّات وكثير من الواجبات، بل أكثرِها، فلابدّ من حمل الصيغة فيهما على خصوص الندب أو مطلق الطلب.
ولا يبعد دعوى: استقلال العقل بحُسن المسارعة والاستباق، وكان ما ورد من الآيات والروايات (٤) في مقام البعث نحوه إرشاداً إلى ذلك – كالآيات والروايات الواردة في الحثّ على أصل الإطاعة -، فيكون الأمر فيها لما يترتّب على المادّة بنفسها، ولو لم يكن هناك أمرٌ بها، كما هو الشأن في الأوامر الإرشاديّة، فافهم.
__________________
(١) راجع الإحكام ( لابن حزم ) ٣: ٢٩٤ وما بعدها.
(٢) آل عمران: ١٣٣.
(٣) البقرة: ١٤٨.
(٤) وسائل الشيعة ١: ١١١، الباب ٢٧ من أبواب مقدّمة العبادات. ( باب استحباب تعجيل فعل الخير وكراهة تأخيره ).