ولا يخفى: أنّ قضيّة إطلاق دليل الحجّيّة على هذا هو الاجتزاء بموافقته أيضاً.
هذا في ما إذا أُحرز أنّ الحجيّة بنحو الكشف والطريقيّة، أو بنحو الموضوعيّة والسببيّة.
حكم الإجزاء في ما إذا شكّ في السببيّة والطريقيّة
وأمّا إذا شكّ (١) ولم يحرز أنّها على أيّ الوجهين، فأصالةُ عدم الإتيان بما يسقط معه التكليف مقتضيةٌ للإعادة في الوقت.
واستصحاب عدم كون التكليف بالواقع فعليّاً في الوقت لا يُجدي (٢)، ولا يُثبت كونَ ما أتى به مُسقطاً، إلّا على القول بالأصل المثبت، وقد علم اشتغال ذمّته بما يشكّ في فراغها عنه بذلك المأتي.
وهذا بخلاف ما إذا علم أنّه مأمورٌ به واقعاً، وشكّ في أنّه يجزئ عمّا هو المأمور به الواقعيّ الأوّليّ - كما في الأوامر الاضطراريّة أو الظاهريّة، بناءً على أن تكون الحجّيّة على نحو السببيّة -، فقضيّةُ الأصل فيها - كما أشرنا إليه (٣) - عدمُ وجوب الإعادة ؛ للإتيان بما اشتغلت به الذمّة يقيناً، وأصالةِ عدم فعليّة التكليف الواقعيّ بعد رفع الاضطرار وكشف الخلاف.
وأمّا القضاء فلا يجب، بناءً على أنّه فرضٌ جديد، وكان (٤) الفوتُ المعلّق عليه وجوبُه لا يثبت بأصالة عدم الإتيان إلّا على القول بالأصل المثبت، وإلّا فهو واجب، كما لا يخفى على المتأمّل، فتأمّل جيّداً.
__________________
(١) في الأصل: إذا شكّ فيها، وفي طبعاته مثل ما أثبتناه.
(٢) في الأصل: فعلياً لا يجدي، وفي طبعاته كما أثبتناه.
(٣) حين قال آنفاً في الصفحة ١٢٤: وإلّا فالأصل، وهو يقتضي البراءة من إيجاب الإعادة.
(٤) الأولى أن يقال: « وعدم ثبوت الفوت المعلّق عليه وجوبه بأصالة عدم الإتيان ». ( منتهى الدراية ٢: ٨٤ ).