حينئذٍ بينهما من الترجيح أو التخيير (١)، وإلّا فلا تعارض في البين، بل كان من باب التزاحم بين المقتضيين. فربما كان الترجيح مع ما هو أضعف دليلاً ؛ لكونه أقوى مناطاً، فلا مجال حينئذٍ لملاحظة مرجّحات الروايات أصلاً، بل لابدّ من مرجّحات المقتضيات المتزاحمات، كما تأتي الإشارة إليها (٢).

نعم، لو كان كلّ منهما متكفّلاً للحكم (٣) الفعليّ لَوقع بينهما التعارض، فلابدّ من ملاحظة مرجّحات باب المعارضة، لو لم يوفّق بينهما بحمل أحدهما على الحكم الاقتضائيّ بملاحظة مرجّحات باب المزاحمة، فتفطّن.

الأمر التاسع: حكم دليلي الأمر والنهي في مقام الإثبات

التاسع (٤): إنّه قد عرفت: أنّ المعتبر في هذا الباب أن يكون كلّ واحد من الطبيعة المأمور بها والمنهيّ عنها مشتملةً على مناط الحكم مطلقاً، حتّى في حال الاجتماع.

فلو كان هناك ما دلّ على ذلك من إجماع أو غيره فلا إشكال.

ولو لم يكن إلّا إطلاق دليلي الحكمين ففيه تفصيل، وهو:

أنّ الإطلاق لو كان في بيان الحكم الاقتضائيّ لكان دليلاً على ثبوت المقتضي والمناط في مورد الاجتماع، فيكون من هذا الباب.

ولو كان بصدد الحكم الفعليّ فلا إشكال في استكشاف ثبوت المقتضي في الحكمين على القول بالجواز، إلّا إذا علم إجمالاً بكذب أحد الدليلين، فيعامل معهما معاملة المتعارضين.

__________________

(١) في غير « ر »: من الترجيح والتخيير.

(٢) في التنبيه الثاني من تنبيهات الفصل.

(٣) الأنسب: بالحكم.

(٤) الأولى له: ذكره في ذيل الأمر المتقدّم ؛ لكونه راجعاً إلى مقام إثبات باب الاجتماع ( كفاية الأُصول مع حاشية المشكيني ٢: ١٢١ )، وانظر منتهى الدراية ٣: ٤٧.

۳۸۳۱