فلِمَ لا يكون قصد الاستقلاليّة فيه موجباً له ؟ وهل يكون ذلك إلّا لكون هذا القصد ليس ممّا يعتبر في الموضوع له ولا المستعمل فيه، بل في الاستعمال ؟

فلِمَ لا يكون فيها كذلك ؟ كيف ؟ وإلّا لزم أن يكون معاني المتعلّقات غير منطبقة على الجزئيّات الخارجيّة ؛ لكونها - على هذا - كلّيّات عقليّة، والكلّيّ العقليّ لا موطن له إلّا الذهن، فالسير والبصرة والكوفة في: « سرت من البصرة إلى الكوفة » لا يكاد يصدق على السير والبصرة والكوفة، لتقيُّدِها بما اعتبر فيه القصد، فتصير عقليّة، فيستحيل انطباقها على الامور الخارجيّة.

وبما حقّقناه (١) يوفّق بين جزئيّة المعنى الحرفيّ - بل الاسميّ - والصدْقِ على الكثيرين، وأنّ الجزئيّة باعتبار تقيُّد المعنى باللحاظ في موارد الاستعمالات - آليّاً أو استقلاليّاً -، والكلّية (٢) بلحاظ نفس المعنى.

ومنه ظهر عدمُ اختصاص الإشكال والدفع بالحرف، بل يعمّ غيرَه.

فتأمّل في المقام، فإنّه دقيق ومزالّ الأقدام للأعلام، وقد سبق في بعض الامور (٣) بعض الكلام، والإعادة مع ذلك لما فيها من الفائدة والإفادة، فافهم.

٤ - اختلاف المبادئ لا يوجب اختلافاً في دلالة المشتقّ

رابعها: أنّ اختلاف المشتقّات في المبادئ - وكونَ المبدأ في بعضها حرفةً وصناعةً، وفي بعضها قوةً وملكةً، وفي بعضها فعليّاً - لا يوجب اختلافاً في دلالتها بحسب الهيئة أصلاً، ولا تفاوتاً في الجهة المبحوث عنها (٤)، كما لا يخفى.

__________________

(١) كُتبت هنا في هامش « ن » وبعض الطبعات الأُخرى هذه العبارة: ثمّ إنّه قد انقدح بما ذكرنا: أنّ المعنى - بما هو معنى اسمي وملحوظ استقلالي، أو بما هو معنى حرفي وملحوظ آلي - كلّي عقلي في غير الأعلام الشخصية، وفيها جزئي كذلك، وبما هو هو، أي: بلا أحد اللحاظين كلّي طبيعي أو جزئي خارجي ( نسخة بدل ).

(٢) في غير « ق » و « ش »: كلّيّته.

(٣) في الأمر الثاني من المقدّمة.

(٤) خلافاً لما نسبه المحقّق القمّي ( القوانين ١: ٧٨ - ٧٩ ) إلى بعض المتأخرين، وهو الظاهر من الفصول: ٦١ أيضاً.

۳۸۳۱