لها معنى صحّ انطباقه على كلّ واحد من الأزمنة، مع عدم دلالتها على واحدٍ منها أصلاً، فكانت الجملة الفعليّة مثلها.

وربما يؤيِّد ذلك: أنّ الزمان الماضي في فعله، وزمان الحال أو الاستقبال في المضارع لا يكون ماضياً أو مستقبلاً حقيقةً لا محالة، بل ربما يكون في الماضي مستقبلاً حقيقة، وفي المضارع ماضياً كذلك، وإنّما يكون ماضياً أو مستقبلاً في فعلهما بالإضافة، كما يظهر من مثل قوله: « يجي زيدٌ بعد عام وقد ضرب قبلَه بأيّام »، وقوله: « جاء زيدٌ في شهر كذا وهو يضرب في ذلك الوقت، أو في ما بعده ممّا مضى »، فتأمّل جيّداً.

الفرق بين المعنى الحرفي والاسمي

ثمّ لا بأس بصرف عَنانِ الكلام إلى بيان ما به يمتاز الحرف عمّا عداه بما يناسب المقام ؛ لأجل الاطّراد في الاستطراد في تمام الأقسام:

فاعلم: أنّه وإن اشتهر بين الأعلام: أنّ الحرف ما دلّ على معنى في غيره - وقد بيّنّاه في الفوائد (١) بما لا مزيد عليه -، إلّا أنّك عرفت في ما تقدّم (٢) عدمَ الفرق بينه وبين الاسم بحسب المعنى، وأنّه فيهما ما (٣) لم يلحظ فيه الاستقلال بالمفهوميّة، ولا عدم الاستقلال بها.

وإنّما الفرق هو أنّه وُضِع ليُستعمل وأُريد منه معناه حالةً لغيره، وبما هو في الغير، ووُضِعَ غيره ليستعمل وأُريد منه معناه بما هو هو.

وعليه، يكون كلٌّ من الاستقلال بالمفهوميّة وعدم الاستقلال بها إنّما اعتبر في جانب الاستعمال، لا في المستعمل فيه، ليكون بينهما تفاوتٌ بحسب المعنى،

__________________

(١) الفوائد: ٣٠٥.

(٢) في الأمر الثاني من المقدّمة، في بيان وضع الحروف، حيث قال: أنّ حال المستعمل فيه والموضوع له فيها حالهما في الأسماء. راجع الصفحة: ٢٥.

(٣) لا توجد « ما » في بعض الطبعات.

۳۸۳۱