في الشرعيّات والعرفيّات ؛ لوضوح أنّه لايكاد يتعلّق بمقدّمة أمرٌ غيريٌّ إلّا إذا كان فيها مناطُه. وإذا كان فيها كان في مثلها، فيصحّ تعلّقه به أيضاً ؛ لتحقّق ملاكه ومناطه.
والتفصيل بين السبب وغيره، والشرطِ الشرعيّ وغيره سيأتي بطلانَه، وأنّه لا تفاوت في باب الملازمة بين مقدّمةٍ ومقدّمة.
استدلال البصري على وجوب المقدّمة والإشكال عليه
ولا بأس بذكر الاستدلال الّذي هو كالأصل لغيره، - ممّا ذكره الأفاضل من الاستدلالات -، وهو ما ذكره أبو [ الحسين ](١) البصريّ، وهو: أنّه لو لم تجب المقدّمة لجاز تركها، وحينئذٍ فإن بقي الواجب على وجوبه يلزم التكليف بما لا يطاق، وإلّا خرج الواجب المطلق عن كونه واجباً (٢).
وفيه - بعد إصلاحه بإرادة « عدم المنع الشرعيّ » من التالي في الشرطيّة الأُولى، لا « الإباحِة الشرعيّة »، وإلّا كانت الملازمة واضحةَ البطلان، وإرادةِ « الترك » (٣) عمّا اضيف إليه الظرف، لا « نفسِ الجواز » (٤)، وإلّا فبمجرّد (٥) الجواز بدون الترك، لا يكاد يتوهّم صدق القضيّة الشرطيّة الثانية -: ما لا يخفى ؛ فإنّ الترك (٦)(٧) بمجرّد عدم المنع شرعاً لا يوجب صدق إحدى الشرطيّتين،
__________________
(١) في الأصل وطبعاته: « أبو الحسن »، والصحيح ما أثبتناه. راجع المعتمد لأبي الحسين البصري ١: ٩٤ ومطارح الأنظار ١: ٤٠٧.
(٢) أثبتنا العبارة كما وردت في « ر »، وفي غيرها: عن وجوبه.
(٣) حكي هذا عن المحقق السبزواري. راجع ضوابط الأُصول: ٨٤، ومطارح الأنظار ١: ٤٠٨.
(٤) هذا ما استفاده صاحب المعالم في معالمه: ٦٢.
(٥) في « ن » وبعض الطبعات: فمجرّد. وفي حقائق الأُصول: فمجرّد الجواز... لا يكاد يتوهّم معه صدق القضية.
(٦) هذا الكلام مذكور في مطارح الأنظار ١: ٤٠٨ في مقام الردّ على المحقّق السبزواري.
(٧) ينبغي أن تكون صورة الإيراد هكذا: إنّا نختار أن لا يبقى الواجب على وجوبه، ولا دليل على بطلان خروج الواجب عن كونه واجباً ؛ فإنّ ترك المقدّمة يوجب ترك ذيها، فيكون معصية ويسقط بها التكليف... فيكون محصّل الإيراد: المنع من بطلان أحد اللازمين مع الالتزام بصدق الشرطيّتين معاً، لا بطلان إحدى الشرطيّتين، كما قد يظهر من العبارة. ( حقائق الأُصول ١: ٢٩٨ ).