فاعلم: أنّه لا مجال هاهنا إلّا لأصالة الاشتغال - ولو قيل بأصالة البراءة في ما إذا دار الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين - ؛ وذلك لأن الشّك هاهنا في الخروج عن عهدة التكليف المعلوم، مع استقلال العقل بلزوم الخروج عنها، فلا يكون العقابُ - مع الشكّ وعدم إحراز الخروج - عقاباً بلا بيان، والمؤاخذةُ عليه بلا برهان ؛ ضرورةَ أنّه بالعلم بالتكليف تصحّ المؤاخذة على المخالفة، وعدم الخروج عن العهدة، لو (١) اتّفق عدم الخروج عنها بمجرّد الموافقة بلا قصد القربة.

وهكذا الحال في كلّ ما شكّ في (٢) دخله في الطاعة والخروج به عن العهدة، ممّا لا يمكن اعتباره في المأمور به، كالوجه والتمييز.

التفصيل بين القيود التي يغفل عنها العامّة وغيرها

نعم، يمكن أن يقال: إنّ كلّ ما يحتمل بدواً دخله في الإمتثال، وكان (٣) ممّا يغفل عنه غالباً العامّة، كان على الآمر بيانه، ونصبُ قرينةٍ على دَخْلِه واقعاً، وإلّا لأخلّ بما هو همّه وغرضه. أمّا إذا لم ينصب دلالةً على دخله كَشَفَ عن عدم دخله.

وبذلك يمكن القطع بعدم دخل الوجه والتمييز (٤) في الطاعة بالعبادة،

__________________

(١) الظاهر: سقوط « و » قبل « لو » يعني: لا إشكال في صحة المؤاخذة على المخالفة وعدم الخروج عن العهدة بمجرّد العلم بالتكليف، ولو كان عدم الخروج لأجل الإخلال بقصد القربة فقط مع الإتيان بذات متعلّق الأمر. ( منتهى الدراية ١: ٤٩٠ )، وراجع حقائق الأُصول ١: ١٧٨.

(٢) أثبتنا « في » من « ق »، « ر » وحقائق الأُصول. وفي غيرها: كل ما شُكّ دخله.

(٣) أثبتنا العبارة كما وردت في حقائق الأُصول، منتهى الدراية ومصحّحة « ق ». وفي الأصل و « ن »: إنّ كلّ ما ربما يحتمل دخله في الامتثال أمراً كان... وفي « ش »: إنّ كلّ ما ربما يحتمل دخله في امتثال أمرٍ وكان... وفي « ر »: إنّ كلّ ما ربما يحتمل بدواً دخله في الامتثال إن كان....

(٤) أثبتناها من حقائق الأُصول ومنتهى الدراية، وفي غيرهما: التميّز.

۳۸۳۱