تحقيق الكلام في القسم الثالث

وأمّا القسم الثالث: فيمكن أن يكون النهي فيه عن العبادة - المتّحدة مع ذاك العنوان، أو الملازمةِ له - بالعرض والمجاز، وكان المنهيّ عنه به حقيقةً ذاك العنوان.

ويمكن أن يكون - على الحقيقة - إرشاداً إلى غيرها من سائر الأفراد، ممّا لا يكون متّحداً معه أو ملازماً له ؛ إذ المفروض: التمكّن من استيفاء مزيّة العبادة بلا ابتلاءٍ بحزازةِ ذاك العنوان أصلاً.

هذا على القول بجواز الاجتماع.

وأمّا على الامتناع: فكذلك في صورة الملازمة. وأمّا في صورة الاتّحاد وترجيح جانب الأمر - كما هو المفروض، حيث إنّه صحّة العبادة - فيكون حال النهي فيه حاله في القسم الثاني، فيحمل على ما حُمِل عليه فيه، طابق النعل بالنعل، حيث إنّه بالدقّة يرجع إليه ؛ إذ على الامتناع ليس الاتّحاد مع العنوان الآخر إلّا من مخصِّصاته ومشخِّصاته، الّتي تختلف الطبيعة المأمور بها في المزيّة - زيادةً ونقيصةً - بحسب اختلافها في الملائمة، كما عرفت.

وقد انقدح بما ذكرناه: أنّه لا مجال أصلاً لتفسير الكراهة في العبادة بأقلّيّة الثواب في القسم الأوّل مطلقاً، وفي هذا القسم على القول بالجواز.

كما انقدح حالُ اجتماع الوجوب والاستحباب فيها، وأنّ الأمر الاستحبابيّ يكون على نحو الإرشاد إلى أفضل الأفراد مطلقاً على نحو الحقيقة، ومولويّاً اقتضائيّاً كذلك، وفعليّاً بالعرض والمجاز في ما كان ملاكه ملازمتها لما هو مستحبّ، أو متّحد معه (١) على القول بالجواز.

__________________

(١) في مصحّح « ن »: أو متحدة معه. قال في منتهى الدراية ٣: ٢٢٧: العبارة لا تخلو عن اضطراب ؛ لأنّ قوله: « متحد » معطوف على « ملازمتها » ليكون المراد به مولوية الأمر الندبي اقتضاءً حقيقة، كي يصير مثالاً لقوله: « ومولوياً اقتضائياً كذلك » فالصواب حينئذ: تبديل « متحد » ب « اتحاد ». والحاصل: أنّ حقّ العبارة أن تكون هكذا: وفعلياً بالعرض والمجاز، في ما كان ملاكه ملازمتها أو اتحادها مع ما هو مستحب.

۳۸۳۱