هذا لو كان كلٌّ من الخطابين متكفّلاً لحكم (١) فعليّ، وإلّا فلابدّ من الأخذ بالمتكفّل لذلك منهما لو كان، وإلّا فلا محيص عن الانتهاء إلى ما تقتضيه الأُصول العمليّة.

ترجيح أحد الدليلين لا يوجب خروج مورد الاجتماع عن المطلوبية رأساً

ثمّ لا يخفى: أنّ ترجيح أحد الدليلين وتخصيصَ الآخر به في المسألة، لا يوجب خروجَ مورد الاجتماع عن تحت الآخر رأساً (٢)، كما هو قضيّة التقييد والتخصيص في غيرها، ممّا لا يحرز فيه المقتضي لكلا الحكمين، بل قضيّته ليس إلّا خروجه في ما كان الحكم الّذي هو مفاد الآخر فعليّاً ؛ وذلك لثبوت المقتضي في كلّ واحد من الحكمين فيها. فإذا لم يكن المقتضي لحرمة الغصب مؤثّراً لها (٣) - لاضطرارٍ أو جهلٍ أو نسيانٍ - كان المقتضي لصحّة الصلاة مؤثّراً لها فعلاً، كما إذا لم يكن دليل الحرمة أقوى، أو لم يكن واحدٌ من الدليلين دالّاً على الفعليّة أصلاً.

دفع الإشكال عن صحّة الصلاة في موارد العذر

فانقدح بذلك: فساد الإشكال في صحّة الصلاة - في صورة الجهل أو النسيان ونحوهما -، في ما إذا قُدّم خطاب « لا تغصب »، كما هو الحال في ما إذا كان الخطابان من أوّل الأمر متعارضين، ولم يكونا من باب الاجتماع أصلاً ؛ وذلك لثبوت المقتضي في هذا الباب، كما إذا لم يقع بينهما تعارضٌ، ولم يكونا متكفّلين للحكم الفعليّ.

__________________

(١) الأنسب: « بحكم »، وكذا الأمر في الموردين التاليين.

(٢) ردٌّ على مطارح الأنظار ١: ٧٠١ ؛ إذ قال: إنّ ملاحظة الترجيح في الدلالة يوجب المصير إلى أنّ مورد الاجتماع خارج عن المطلوب.

(٣) الأولى: إبدال « لها » ب « فيها » هنا، وكذا في قوله: « مؤثراً لها فعلاً ». راجع منتهى الدراية ٣: ١٩٩.

۳۸۳۱