نعم، لا بأس بصدق الإطاعة - بمعنى حصول الغرض - والعصيانِ في التوصّليّات. وأمّا في العبادات فلا يكاد يحصل الغرض منها إلّا في ما صدر من المكلّف فعلاً غير محرّم وغير مبغوض عليه، كما تقدّم (١).
القول بالجواز عقلاً والامتناع عرفاً والمناقشة فيه
بقي الكلام في حال التفصيل من بعض الأعلام، والقول بالجواز عقلاً، والامتناع عرفاً (٢).
وفيه: أنّه لا سبيل للعرف في الحكم بالجواز أو الامتناع إلّا طريق العقل، فلا معنى لهذا التفصيل إلّا ما أشرنا إليه من النظر المسامحيّ غير المبتني على التدقيق والتحقيق. وأنت خبير بعدم العبرة به، بعد الإطّلاع على خلافه بالنظر الدقيق.
وقد عرفت في ما تقدّم (٣): أنّ النزاع ليس في خصوص مدلول صيغة الأمر والنهي، بل في الأعمّ، فلا مجال لأن يتوهّم أنّ العرف هو المحكّم في تعيين المداليل، ولعلّه كان بين مدلوليهما - حسب تعيينه - تنافٍ لا يجتمعان في واحد ولو بعنوانين، وإن كان العقل يرى جواز اجتماع الوجوب والحرمة في واحد بوجهين، فتدبّر.
__________________
(١) في الأمر العاشر من مقدّمات هذا الفصل.
(٢) قال في مطارح الأنظار ١: ٦١١: نسبه بعضهم إلى الأردبيلي في شرح الإرشاد ( مجمع الفائدة والبرهان ٢: ١١٠ - ١١٢ ). ثمّ أنكر هذه الاستفادة من كلامه وقال: وقد يُنسب ذلك إلى فاضل الرياض، وكأنّه مسموع منه شفاهاً. وقال في موردٍ آخر ( مطارح الأنظار ١: ٦٩٥ ): ويظهر ذلك من سلطان المحقّقين أيضاً في تعليقاته على المعالم، والمحقّق القمّي.
(٣) في الأمر الرابع من مقدّمات هذا الفصل.