فرَّق بينهما ». قلت: - أصلحك الله تعالى - إنّ الحَكَم بن عُتَيبَة (١) وإبراهيمَ النَّخعيّ وأصحابَهما يقولون: « إنّ أصل النكاح فاسدٌ ولا يحلّ (٢) إجازة السيّد له ». فقال أبو جعفر عليه‌السلام: « إنّه لم يعصِ الله، إنّما عصى سيّده، فإذا أجاز (٣) فهو له جائز » (٤) ؛ حيث دلّ بظاهره على (٥) أنّ النكاح لو كان ممّا حرّمه الله - تعالى - عليه كان فاسداً.

الجواب عن التوهّم

ولا يخفى: أنّ الظاهر أن يكون المراد بالمعصية المنفيّة هاهنا: أنّ النكاح ليس ممّا لم يُمضه الله ولم يُشرّعه كي يقع فاسداً، ومن المعلوم استتباع المعصية بهذا المعنى للفساد، كما لا يخفى. ولابأس بإطلاق المعصية على عمل لم يمضه الله ولم يأذن به، كما اطلق عليه بمجرّد عدم إذن السيّد فيه أنّه معصية (٦)(*).

__________________

(١) في الأصل و « ن » و « ر »: حكم بن عتبة. وفي حقائق الأُصول ومنتهى الدراية: الحكم بن عيينة. وفي مصادر الحديث وبعض طبعات الكتاب مثل ما أثبتناه.

(٢) في الكافي: ولا تحلّ، وفي الفقيه: فلا تحلّ.

(٣) في المصدرين: أجازه.

(٤) الكافي ٥: ٤٧٨، الفقيه ٣: ٥٤١.

(٥) أثبتنا « على » من « ر »، حقائق الأُصول ومنتهى الدراية.

(٦) ذكر هذا الجواب في الفوائد الحائرية: ١٧٦، والقوانين ١: ١٦٢.

(*) وجه ذلك: أنّ العبوديّة تقتضي عدم صدور فعلٍ عن ١) العبد إلّا عن أمر سيّده وإذنه ؛ حيث إنّه كَلٌّ عليه لا يقدر على شيءٍ، فإذا استقلّ بأمرٍ كان عاصياً ؛ حيث أتى بما ينافيه مقامُ عبوديّته، لا سيّما مثل التزوّج الّذي كان خطيراً. وأمّا وجه أنّه لم يعص الله فيه: فلأجل كون التزوّج بالنسبة إليه أيضاً كان مشروعاً ماضياً، غايته أنّه يعتبر في تحقّقه إذن سيّده ورضاه، وليس كالنكاح في العدّة غير مشروع من أصله، فإذا أجاز ما صدر عنه بدون إذنه، فقد وجد شرط نفوذه، وارتفع محذور عصيانه، فعصيانه لسيّده. ( منه قدس‌سره ).

__________________

١) في « ن » وبعض الطبعات: عدم صدور العبد، وأثبتنا الجملة كما وردت في « ر » ومنتهى الدراية.

۳۸۳۱