وهذا يكفي في إثبات الحرمة، وإلّا لم يكن الفعل المطلق محرّماً في ما إذا كان الترك المطلق واجباً ؛ لأنّ الفعل أيضاً ليس نقيضاً للترك ؛ لأنّه أمر وجوديّ، ونقيضُ الترك إنّما هو رفعُه، ورفعُ الترك إنّما يلازم الفعلَ مصداقاً، وليس عينَه، فكما أنّ هذه الملازمة تكفي في إثبات الحرمة لمطلق الفعل، فكذلك تكفي في المقام. غاية الأمر أنّ ما هو النقيض في مطلق الترك إنّما ينحصر مصداقه في الفعل فقط، وأمّا النقيض للترك الخاصّ فله فردان، وذلك لا يوجب فرقاً في ما نحن بصدده، كما لا يخفى.

الجواب عمّا أورده الشيخ على الثمرة

قلت: وأنت خبير بما بينهما من الفرق ؛ فإنّ الفعل في الأوّل لا يكون إلّا مقارناً لما هو النقيض، من رفع الترك المجامع معه تارةً، ومع الترك المجرّد أُخرى، ولا تكاد تسري حرمة الشيء إلى ما يلازمه، فضلاً عمّا يقارنه أحياناً. نعم، لابدّ أن لا يكون الملازم محكوماً فعلاً بحكمٍ آخر على خلاف حكمه، لا أن يكون محكوماً بحكمه.

وهذا بخلاف الفعل في الثاني ؛ فإنّه بنفسه يعاند التركَ المطلق وينافيه، لا ملازم لمعانده ومنافيه، فلو لم يكن عين ما يناقضه بحسب الاصطلاح مفهوماً، لكنّه متّحد معه عيناً وخارجاً. فإذا كان الترك واجباً فلا محالة يكون الفعل منهيّاً عنه قطعاً، فتدبّر جيّداً.

ومنها: تقسيمه إلى الأصليّ والتبعيّ (١)

هذا التقسيم بلحاظ الثبوت لا الإثبات

والظاهر أن يكون هذا التقسيم بلحاظ الأصالة والتبعيّة في الواقع ومقام

__________________

(١) الأولى: ذكره في الأمر الثالث الذي عقده لتقسيمات الواجب، لا في ذيل الأمر الرابع الذي عقده لبيان دائرة وجوب المقدّمة... وكأنّه سهوٌ من القلم ( كفاية الأُصول مع حاشية المشكيني ١: ٥٩٢ )، وراجع شرح كفاية الأُصول للشيخ عبد الحسين الرشتي ١: ١٦٣، وحقائق الأُصول ١: ٢٨٨، ومنتهى الدراية ٢: ٣٥٢.

۳۸۳۱