بل في الحقيقة يكون هو الملاك لوقوع المقدّمة عبادةً ولو لم يقصد أمرها، بل ولو لم نقل بتعلّق الطلب بها أصلاً.

وهذا هو السرُّ في اعتبار قصد التوصّل في وقوع المقدّمة عبادةً.

لا ما تُوهّم (١) من أنّ المقدّمة إنّما تكون مأموراً بها بعنوان المقدّميّة (٢)، فلابدّ عند إرادة الامتثال بالمقدّمة من قصد هذا العنوان، وقصدُها كذلك لا يكاد يكون بدون قصد التوصّل إلى ذي المقدّمة بها.

فإنّه فاسدٌ جدّاً ؛ ضرورةَ أنّ عنوان المقدّميّة ليس بموقوف عليه الواجب، ولا بالحمل الشائع مقدّمة له، وإنّما كان المقدّمة هو نفس المعنونات بعناوينها الأوّليّة، والمقدّميّة إنّما تكون علّةً لوجوبها.

الأمر الرابع: [ تبعيّة وجوب المقدّمة لوجوب ذيها في الإطلاق والاشتراط ]

لا شبهة في أنّ وجوب المقدّمة - بناءً على الملازمة - يتبع في الإطلاق والاشتراط وجوبَ ذي المقدّمة، كما أشرنا إليه في مطاوي كلماتنا (٣).

كلام صاحب المعالم في تبعية وجوب المقدّمة لإرادة ذيها والإيراد عليه

ولا يكون مشروطاً بإرادته، كما يُوهمه ظاهرُ عبارة صاحب المعالم رحمه‌الله في بحث الضدّ، حيث (٤) قال: « وأيضاً فحجّة القول بوجوب المقدّمة (٥) - على تقدير تسليمها - إنّما تنهض دليلاً على الوجوب في حال كون المكلّف مريداً للفعل المتوقّف عليها، كما لا يخفى على من أعطاها حقّ النظر » (٦).

__________________

(١) في مطارح الأنظار ١: ٣٥٤ - ٣٥٥.

(٢) في « ق » و « ش »: المقدّمة.

(٣) في بدايات البحث عن الأمر الثالث في الصفحة: ١٤١. حيث قال: ثمّ الظاهر دخول المقدّمات الوجودية للواجب... غاية الأمر تكون في الإطلاق والاشتراط تابعة لذي المقدّمة.

(٤) أثبتنا « حيث » من « ر ».

(٥) المراد بها ما سيأتي من الاحتجاج بأنّه لو لم تجب لجاز تركها.

(٦) المعالم: ٧١.

۳۸۳۱