ورجوع البحث فيهما في الحقيقة إلى البحث عن ثبوت السنّة بخبر الواحد في مسألة حجّيّة الخبر - كما افيد (١) -، وبأيّ الخبرين في باب التعارض، فإنّه أيضاً بحثٌ في الحقيقة عن حجّيّة الخبر في هذا الحال، غيرُ مفيد ؛ فإنّ البحث عن ثبوت الموضوع - وما هو مفاد « كان » التّامّة - ليس بحثاً عن عوارضه، فإنّها مفادُ « كان » الناقصة.
لا يقال: هذا في الثبوت الواقعيّ، وأمّا الثبوت التعبّديّ - كما هو المهمّ في هذه المباحث - فهو في الحقيقة يكون مفاد « كان » الناقصة.
فإنّه يقال: نعم، لكنّه ممّا لايعرض السنّة، بل الخبر الحاكي لها ؛ فإنّ الثبوت التعبّديّ يرجع إلى وجوب العمل على طبق الخبر، كالسنّة المحكيّة به، وهذا من عوارضه لا عوارضها، كما لا يخفى.
وبالجملة: الثبوت الواقعيُّ ليس من العوارض، والتعبّديُّ وإن كان منها إلّا أنّه ليس للسنّة، بل للخبر، فتأمّل جيّداً.
وأمّا إذا كان المراد من السنّة ما يعمُّ حكايتها (٢)، فلأنّ البحث في تلك المباحث وإن كان عن أحوال السنّة بهذا المعنى، إلّا أنّ البحث في غير واحدٍ من مسائلها - كمباحث الألفاظ وجملةٍ من غيرها - لا يخصّ الأدلّة، بل يعمّ غيرها، وإن كان المهمّ معرفة أحوال خصوصها، كما لا يخفى.
تعريف علم الأُصول
ويؤيّد ذلك: تعريف الأُصول بأنّه « العلم بالقواعد الممهّدة لاستنباط الأحكام الشرعيّة »، وإن كان الأَولى تعريفه بأنّه: « صناعة يعرف بها القواعد الّتي يمكن أن تقع في طريق استنباط الأحكام، أو الّتي ينتهى إليها
__________________
(١) أفاده الشيخ الأعظم الأنصاريّ في فرائد الأُصول ١: ٢٣٨.
(٢) كما أفاده في الفصول: ١١٠.