هو الطلب غيرها (١)، سوى ما هو مقدّمةُ تحقّقها عند خطور الشيء، والميل وهيجان الرغبة إليه، والتصديق بفائدته (٢)، وهو الجزم بدفع ما يوجب توقّفه عن طلبه لأجلها.
وبالجملة: لا يكاد يكون غير الصفات المعروفة والإرادة هناك صفة أُخرى قائمة بها يكون هو الطلب (٣)، فلا محيصَ (٤) عن اتّحاد الإرادة والطلب، وأن يكون ذلك الشوق المؤكّد - المستتبِع لتحريك العضلات في إرادة فعله بالمباشرة، أو المستتبع لأمر عبيده به في ما لو أراده لا كذلك - مسمّىً ب « الطلب » و « الإرادة »، كما يعبّر به تارةً وبها أُخرى، كما لا يخفى.
وكذا الحال في سائر الصيغ الإنشائيّة والجمل الخبريّة، فإنّه لا يكون غير الصفات المعروفة القائمة بالنفس - من الترجّي والتمنّي والعلم إلى غير ذلك - صفة أُخرى، كانت قائمة بالنفس وقد دلّ اللفظ عليها، كما قيل (٥):
إنّ الكلام
لفي الفؤاد وإنّما
جُعل اللسان
على الفؤاد دليلاً
استدلال الأشاعرة على مغايرة الطلب والإرادة و الإشكال عليه
وقد انقدح بما حقّقناه ما في استدلال الأشاعرة على المغايرة - بالأمر مع عدم الإرادة، كما في صورتي الاختبار والاعتذار - من الخلل ؛ فإنّه كما لا إرادة حقيقةً في الصورتين لا طلب كذلك فيهما، والّذي يكون فيهما إنّما هو الطلب
__________________
(١) الظاهر: أنّه من سهو الناسخ ؛ للاستغناء عنه بقوله: « غير الإرادة ». ( منتهى الدراية ١: ٣٨٥ ).
(٢) ينبغي ذكر تصور الفائدة والتصديق بها قبل الميل وهيجان الرغبة. ( منتهى الدراية ١: ٣٨٦ ).
(٣) الأولى: « تكون هي الطلب ».
(٤) أثبتنا العبارة كما وردت في حقائق الأُصول ومنتهى الدراية. وفي غيرهما: فلا محيص إلّا.
(٥) القائل هو الأخطل الشاعر على ما في المحصول ( للرازي ) ٢: ٢٤ وغيره.