اللهمّ إلّا أن يقال: إنّ لفظ « ضرب » وإن كان فرداً له، إلّا أنّه إذا قُصد به حكايتُه وجُعل عنواناً له ومرآتَه، كان لفظَه المستعمل فيه، وكان حينئذٍ كما إذا قصد به فرد مثله.

وبالجملة: فإذا اطلق وأُريد به نوعه - كما إذا أُريد به فرد مثله - كان من باب استعمال اللفظ في المعنى، وإن كان فرداً منه وقد حُكم في القضيّة بما يعمّه.

وإن اطلق ليحكم عليه بما هو فرد كلّيّه ومصداقه، لا بما هو لفظه وبه حكايته، فليس من هذا الباب.

لكنّ الإطلاقات المتعارفة ظاهراً ليست كذلك، كما لا يخفى، وفيها ما لا يكاد يصحّ أن يراد منه ذلك، ممّا كان الحكم في القضيّة لا يكاد يعمّ شخصَ اللفظ، كما في مثل « ضَرَبَ فِعْلُ ماضٍ ».

الخامس
[ وضع الألفاظ لذوات المعاني ]

عدم تبعيّة الدلالة للإرادة والدليل عليه

لا ريب في كون الألفاظ موضوعةً بإزاء معانيها من حيث هي، لا من حيث هي مرادةٌ للافظها ؛ لما عرفت (١) - بما لا مزيد عليه - من أنّ قصد المعنى على أنحائه من مقوّمات الاستعمال، فلا يكاد يكون من قيود المستعمل فيه، هذا.

مضافاً إلى ضرورة صحّة الحمل والإسناد في الجمل بلا تصرُّفٍ في ألفاظ الأطراف، مع أنّه لو كانت موضوعة لها بما هي مرادة لما صحّ بدونه ؛ بداهة أنّ

__________________

(١) في المعنى الحرفي من الأمر الثاني.

۳۸۳۱