أو في عموم الألفاظ الواقعة عقيبَ أداة الخطاب للغائبين، بل المعدومين، وعدمِ عمومها لهما بقرينة تلك الأداة (١).

ولا يخفى: أنّ النزاع على الوجهين الأوّلين يكون عقليّاً، وعلى الوجه الأخير لغويّاً (٢).

حكم النزاع على الوجوه الثلاثة

إذا عرفت هذا، فلا ريب في عدم صحّة تكليف المعدوم عقلاً، بمعنى بعثه أو زجره فعلاً ؛ ضرورة أنّه بهذا المعنى يستلزم الطلب منه حقيقةً، ولا يكاد يكون الطلب كذلك إلّا من الموجود ضرورةً.

نعم، هو بمعنى مجرّد إنشاء الطلب - بلا بعثٍ ولا زجرٍ - لا استحالة فيه أصلاً ؛ فإنّ الإنشاء خفيف المؤونة، فالحكيم - تبارك وتعالى - يُنشئ على وفق الحكمة والمصلحة طلَبَ شيءٍ - قانوناً - من الموجود والمعدوم حين الخطاب، ليصير فعليّاً بعد ما وُجد الشرائط وفُقد الموانع، بلا حاجة إلى إنشاء آخر، فتدبّر.

ونظيره من غير الطلب إنشاءُ التمليك في الوقف على البطون، فإنّ المعدوم منهم يصير مالكاً للعين الموقوفة بعد وجوده بإنشائه، ويتلقّى لها من الواقف بعقده، فيؤثّر في حقّ الموجود منهم الملكيّةَ الفعليّة، ولا يؤثّر في حقّ المعدوم فعلاً إلّا استعدادَها لأن تصير ملكاً له بعد وجوده.

هذا إذا أُنشئ الطلب مطلقاً.

وأمّا إذا أُنشئ مقيّداً بوجود المكلّف ووجدانه الشرائط، فإمكانه بمكانٍ من الإمكان.

__________________

(١) وهذا هو الظاهر من مطارح الأنظار ٢: ١٨٣ في تحرير العنوان.

(٢) اشارة إلى ما ورد في مطارح الأنظار ٢: ١٨٦ من أنّ النزاع المذكور هل هو عقليّ أو لغويّ ؟... فظاهر جملة من الامارات يشهد للثاني، وظاهر جملة أُخرى يشهد للأول.

۳۸۳۱