دعوى ظهور لصيغة في الوجوب و الكلام فيها

قيل بظهورها فيه ؛ إمّا لغلبة الاستعمال فيه، أو لغلبة وجوده، أو أكمليّته (١).

والكلّ كما ترى ؛ ضرورةَ أنّ الاستعمال في الندب، وكذا وجوده ليس بأقلّ لو لم يكن بأكثر.

وأمّا الأكمليّة فغيرُ موجبةٍ للظهور ؛ إذ الظهور لا يكاد يكون إلّا لشدّة انس اللفظ بالمعنى، بحيث يصير وجهاً له، ومجرّد الأكمليّة لا يوجبه، كما لا يخفى.

مقتضى إطلاق الصيغة هوالحمل على الوجوب

نعم، في ما كان الآمر بصدد البيان فقضيّة مقدّمات الحكمة هو الحمل على الوجوب ؛ فإنّ الندب كأنّه يحتاج إلى مؤونة بيان التحديد، والتقييد بعدم المنع من الترك، بخلاف الوجوب، فإنّه لا تحديد فيه للطلب ولا تقييد، فإطلاقُ اللفظ وعدم تقييده مع كون المطلِق في مقام البيان كافٍ في بيانه، فافهم.

المبحث الخامس

إطلاق الصيغة هل يقتضي التوصلية أم لابدّ من الرجوع إلى الأُصول ؟

إنّ إطلاق الصيغة (٢) هل يقتضي كونَ الوجوب توصّليّاً - فيجزئ إتيانه مطلقاً، ولو بدون قصد القربة - أو لا - فلابدّ من الرجوع في ما شكّ في تعبّديّته وتوصّليّته إلى الأصل - ؟

لابدّ في تحقيق ذلك من تمهيد مقدّمات:

١ - معنى الواجب التوصّلي والتعبّدي

إحداها: الوجوبُ التوصّليّ هو ما كان الغرض منه يحصل بمجرّد حصول

__________________

(١) ادّعى المحقّق الإصفهاني في هداية المسترشدين ١: ٥٩٤ و٦٠٥ إنصراف الصيغة إلى الوجوب من جهة أكمليّته.

(٢) الظاهر: عدم اختصاص هذا البحث بالصيغة، بل يجري في غيرها ممّا قُصد به الأمر، كما لا يخفى وجهه. ( منتهى الدراية ١: ٤٥٦ ).

۳۸۳۱