ويؤيّده: عدم صحّة الاعتذار عن المخالفة باحتمال إرادة الندب، مع الاعتراف بعدم دلالته (١) عليه بحالٍ أو مقالٍ.
المناقشة في ما أفاده صاحب المعالم في المقام
وكثرة الاستعمال فيه في الكتاب والسنّة وغيرهما لا توجب نقْلَهُ إليه، أو حمْلَهُ عليه (٢) ؛ لكثرة استعماله في الوجوب أيضاً، مع أنّ الاستعمال وإن كثر فيه إلّا أنّه كان مع القرينة المصحوبة، وكثرةُ الاستعمال كذلك في المعنى المجازيّ لا توجب صيرورتَه مشهوراً فيه، ليرجَّح أو يُتوقّف - على الخلاف في المجاز المشهور -. كيف ؟ وقد كثُر استعمال العامّ في الخاصّ حتّى قيل: ما من عامّ إلّا وقد خصّ، ولم ينثلم به ظهورُه في العموم، بل يحمل عليه ما لم تقم قرينة بالخصوص على إرادة الخصوص.
المبحث الثالث (٣)
مفاد الجمل الخبريّة المستعملة في مقام الطلب
هل الجمل الخبريّة الّتي تستعمل في مقام الطلب والبعث - مثل « يغتسل » و « يتوضّأ » و « يعيد » - ظاهرةٌ في الوجوب، أو لا ؟ ؛ لتعدّد المجازات فيها، وليس الوجوب بأقواها، بعدَ تعذُّرِ حملها على معناها من الإخبار بثبوت النسبة، والحكاية عن وقوعها:
ظهور هذه الجمل في الوجوب
الظاهر: الأوّل، بل تكون أظهر من الصيغة.
ولكنّه لا يخفى: أنّه ليست الجمل الخبريّة الواقعة في ذلك المقام - أي
__________________
(١) أي: دلالة الصيغة، فالأولى: تأنيث الضمير. ( منتهى الدراية ١: ٤٤١ ).
(٢) هذا تعريض بصاحب المعالم، القائل بكون الصيغة حقيقة في الوجوب لغةً وعرفاً، مع توقّفه في ظهور الأوامر الواردة في الكتاب والسنة في الوجوب ؛ لكثرة استعمال الصيغة فيهما في الندب، لكنّه لم يدّع نقل الصيغة إلى الندب أو حملها عليه. راجع المعالم: ٤٨.
(٣) الأولى: تأخير هذا المبحث عن المبحث الرابع. ( كفاية الأُصول مع حاشية القوچاني: ٥٩ ).