نعم، مَن شملته العناية الإلهيّة، واتّصلت نفسه الزكيّة بعالم اللوح المحفوظ - الّذي هو من أعظم العوالم الربوبيّة، وهو امّ الكتاب - ينكشف (١) عنده الواقعيّات على ما هي عليها، كما ربما يتّفق لخاتم الأنبياء ولبعض الأوصياء، و(٢) كان عارفاً بالكائنات كما كانت وتكون.

نعم، مع ذلك، ربما يوحى إليه حكمٌ من الأحكام: تارةً بما يكون ظاهراً في الاستمرار والدوام، مع أنّه في الواقع له غاية وأمدٌ يعيّنها بخطاب آخر، وأُخرى بما يكون ظاهراً في الجدّ، مع أنّه لا يكون واقعاً بجدٍّ، بل لمجرّد الابتلاء والاختبار، كما أنّه يؤمر وحياً أو إلهاماً بالإخبار بوقوع عذابٍ أو غيره ممّا لا يقع ؛ لأجل حكمةٍ في هذا الإخبار أو ذاك الإظهار.

فبداؤه (٣) تعالى بمعنى: أنّه يُظهِر ما أمَرَ نبيَّه أو وليَّه بعدم إظهاره أوّلاً، ويُبدي ما خفي ثانياً.

وإنّما نسب إليه - تعالى - البداء مع أنّه في الحقيقة الإبداء ؛ لكمال شباهة إبدائه - تعالى - كذلك بالبداء في غيره.

وفي ما ذكرنا كفاية في ما هو المهمّ في باب النسخ، ولا داعي بذكر تمام ما ذكروه في ذاك الباب، كما لا يخفى على اولي الألباب.

الثمرة بين التخصيص والنسخ

ثمّ لا يخفى ثبوت الثمرة بين التخصيص والنسخ ؛ ضرورةَ أنّه على التخصيص يُبنى على خروج الخاصّ عن حكم العامّ رأساً، وعلى النسخ على ارتفاع حكمه عنه من حينه، في ما دار الأمر بينهما في المخصّص.

__________________

(١) أثبتناها من « ق » و « ش ». وفي غيرهما: يكشف. يراجع منتهى الدراية ٣: ٦٦٦.

(٢) في غير « ق » و « ش »: « كان عارفاً »، بدون الواو. يلاحظ المصدر السابق أيضاً.

(٣) أثبتناها من « ر » وفي غيرها: فبدا له.

۳۸۳۱