الفعل إن كان مشتملاً على مصلحة موجبة للأمر به امتنع النهي عنه، وإلّا امتنع الأمر به ؛ وذلك لأنّ الفعل أو دوامه لم يكن متعلّقاً لإرادته، فلا يستلزم نسخُ أمره بالنهي تغييرَ إرادته، ولم يكن الأمر بالفعل من جهة كونه مشتملاً على مصلحة، وإنّما كان إنشاء الأمر به أو إظهار دوامه عن حكمة ومصلحة.

حقيقة البداء

وأمّا البداء في التكوينيّات بغير ذاك المعنى، فهو ممّا تدلّ (١) عليه الروايات المتواترات (٢)، كما لا يخفى.

ومجمله: أنّ الله - تبارك وتعالى - إذا تعلّقت مشيئته (٣) بإظهار ثبوت ما يمحوه - لحكمةٍ داعيةٍ إلى إظهاره - ألهَم أو أوحى إلى نبيّه أو وليّه أن يُخبر به، مع علمه بأنّه يمحوه، أو مع عدم علمه به ؛ لما أُشير إليه (٤) من عدم الإحاطة بتمام ما جرى في علمه. وإنّما يخبر به ؛ لأنّه حال الوحي أو الإلهام - لارتقاء نفسه الزكيّة، واتّصاله بعالم لوح المحو والإثبات - اطّلع على ثبوته، ولم يطّلع على كونه معلَّقاً على أمرٍ (٥) غيرِ واقع، أو عدم الموانع، قال الله - تبارك وتعالى -: ﴿يَمحُو الله ما يشاءُ ويُثبِتُ (٦) الآية.

__________________

(١) أثبتناها من « ر »، وفي غيرها: ممّا دلّ.

(٢) راجع الكافي ١: ١٤٦، باب البداء.

(٣) في غير « ر »: مشيئته تعالى.

(٤) آنفاً بقوله: لعدم إحاطته بتمام ما جرى في علمه تبارك وتعالى.

(٥) كلمة « أمر » لم ترد في الأصل، وأثبتناها من طبعاته.

(٦) الرعد: ٣٩.

۳۸۳۱