وأراد الآخرُ سكونَه، فيكون المقتضي لكلٍّ منهما حينئذٍ موجوداً، فالعدم - لا محالة - يكون فعلاً مستنداً إلى وجود المانع.
قلت: هاهنا أيضاً مستندٌ (١) إلى عدم قدرة المغلوب منهما في إرادته - وهي ممّا لابدّ منه في وجود المراد، ولا يكاد يكون بمجرّد الإرادة بدونها -، لا إلى وجود الضدّ ؛ لكونه مسبوقاً بعدم قدرته، كما لا يخفى.
المناقشة في ما أفاده المحقّق الخونساري
غير سديد ؛ فإنّه وإن كان قد ارتفع به الدور، إلّا أنّ غائلة لزوم توقّف الشيء على ما يصلح أنّ يتوقّف عليه على حالها ؛ لاستحالة أن يكون الشيءُ الصالحُ لأن يكون موقوفاً عليه الشيء (٢)(٣)، موقوفاً عليه ؛ ضرورةَ أنّه لو كان في مرتبة يصلح لأن يُستند إليه، لما كاد يصحّ أن يستند فعلاً إليه.
والمنع عن صلوحه لذلك، بدعوى: أنّ قضيّة كون العدم مستنداً إلى وجود الضدّ، - لو كان مجتمعاً مع وجود المقتضي - وإن كانت صادقة، إلّا أنّ صدقها لا يقتضي كونَ الضدّ صالحاً لذلك ؛ لعدم اقتضاء صدق الشرطيّة صِدْقَ طرفَيْها.
مساوقٌ لمنع مانعيّة الضدّ (*)، وهو يوجب رفع التوقّف رأساً من البين ؛
__________________
(١) في حقائق الأُصول ومنتهى الدراية: يكون مستنداً.
(٢) كلمة « الشيء » غير موجودة في الأصل و « ر »، وأثبتناها من « ن »، « ق » وسائر الطبعات.
(٣) الأولى: تنكيره ؛ لئلّا يتوهّم كونه نفسَ الشيء، في قوله: الشيء الصالح. ( منتهى الدراية ٢: ٤٣٩ ).
(*) مع أنّ حديث عدم اقتضاء صدق الشرطيّة لصدق طرفيها وإن كان صحيحاً، إلّا أنّ الشرطيّة هاهنا غير صحيحة ؛ فإنّ وجود المقتضي للضدّ لا يستلزم بوجهٍ استناد عدمه إلى ضدّه، ولايكون الاستناد مترتّباً على وجوده ؛ ضرورة أنّ المقتضي لا يكاد يقتضي وجود ما يمنع عمّا يقتضيه أصلاً، كما لا يخفى. فليكن المقتضي لاستناد عدم الضدّ إلى وجود ضدّه فعلاً عند ثبوت مقتضي وجوده، هو الخصوصيّة الّتي فيه، الموجبة للمنع عن اقتضاء مقتضيه، كما هو الحال في كلّ مانع، وليست في الضدّ تلك الخصوصيّة. كيف ؟ وقد عرفت أنّه لا يكاد يكون مانعاً إلّا على وجهٍ دائر. نعم، انّما المانع عن الضدّ هو العلّة التامّة لضدّه ؛ لاقتضائها ما يعانده وينافيه، فيكون عدمه كوجود ضدّه مستنداً إليها، فافهم. ( منه قدسسره ).