٦ - اختلاف الصحّة والفساد بحسب الآثار والأنظار

السادس: إنّ الصحّة والفساد وصفان إضافيّان، يختلفان بحسب الآثار والأنظار، فربما يكون شيءٌ واحد صحيحاً بحسب أثرٍ أو نظرٍ، وفاسداً بحسب آخر.

ومن هنا صحّ أن يقال: إنّ الصحّة في العبادة والمعاملة لا تختلف، بل فيهما بمعنى واحد وهو « التماميّة »، وإنّما الاختلاف في ما هو المرغوب منهما، من الآثار الّتي بالقياس عليها (١) تتّصف بالتماميّة وعدمها.

وهكذا الاختلاف بين الفقيه والمتكلّم في صحّة العبادة (٢) إنّما يكون لأجل الاختلاف في ما هو المهمّ لكلٍّ منهما من الأثر، بعد الاتّفاق ظاهراً على أنّها بمعنى التماميّة، كما هي معناها لغةً وعرفاً.

فلمّا كان غرض الفقيه هو: وجوب القضاء أو الإعادة، أو عدمُ الوجوب، فَسَّر صحّة العبادة بسقوطهما. وكان غرض المتكلّم هو: حصول الامتثال - الموجب عقلاً لاستحقاق المثوبة - فَسَّرها بما يوافق الأمر تارةً، وبما يوافق الشريعة أُخرى.

وحيث إنّ الأمر في الشريعة يكون على أقسام - من الواقعيّ الأوّليّ والثانويّ، والظاهريّ -، والأنظار تختلف في أنّ الأخيرين يفيدان الإجزاء، أو لا يفيدان، كان الإتيان بعبادةٍ موافقةً لأمرٍ، ومخالفةً لآخر، أو مسقطاً للقضاء والإعادة بنظرٍ، وغيرَ مسقطٍ لهما بنظرٍ آخر.

فالعبادة الموافقة للأمر الظاهريّ تكون صحيحةً عند المتكلّم والفقيه، بناءً

__________________

(١) الأولى: تبديل « عليها » ب « إليها ». ( منتهى الدراية ٣: ٢٥١ ).

(٢) هذا تعريض بمن نسب الاختلاف إلى الفقهاء والمتكلمين في معنى الصحّة، كالمحقّق القمّي في القوانين ١: ١٥٧.

۳۸۳۱