فصل
[ تعقّب العامّ بضميرٍ يرجع إلى بعض أفراده ]
هل تعقُّبُ العامّ بضميرٍ يرجع إلى بعض أفراده يوجب تخصيصَه به أو لا ؟
محلّ الخلاف في المسألة
فيه خلافٌ بين الأعلام. وليكن محلّ الخلاف ما إذا وقعا في كلامين أو في كلام واحد، مع استقلال العامّ بما حُكم عليه في الكلام، كما في قوله تبارك وتعالى: ﴿والمطلّقاتُ يتَرَبَّصنَ﴾ إلى قوله ﴿وبُعُولَتُهُنَّ أحقُّ بِرَدِّهِنَّ﴾ (١). وأمّا ما إذا كان مثل « والمطلّقات أزواجهنّ أحقّ بردّهنّ » فلا شبهة في تخصيصه به (٢).
تحقيق المسألة
والتحقيق أن يقال: إنّه حيث دار الأمرُ بين التصرّف في العامّ - بإرادة خصوص ما أُريد من الضمير الراجع إليه -، والتصرّف (٣) في ناحية الضمير - إمّا بإرجاعه إلى بعض ما هو المراد من مرجعه، أو إلى تمامه مع التوسّع في الإسناد، بإسناد الحكم المسند إلى البعض حقيقةً، إلى الكلّ توسّعاً وتجوّزاً - كانت أصالة الظهور في طرف العامّ سالمةً عنها في جانب الضمير ؛ وذلك لأنّ المتيقّن من بناء العقلاء هو اتّباع الظهور في تعيين المراد، لا في تعيين كيفيّة الاستعمال، وأنّه على نحو الحقيقة أو المجاز في الكلمة أو الإسناد، مع القطع بما يراد، كما هو الحال في ناحية الضمير.
وبالجملة: أصالة الظهور إنّما تكون حجّة في ما إذا شكّ في ما أُريد، لا في
__________________
(١) البقرة: ٢٢٨.
(٢) هذا التحديد لمحلّ الخلاف مذكور في الفصول: ٢١١ مع اختلاف يسير.
(٣) في غير حقائق الأُصول: أو التصرّف.