وأمّا الكبرى: فلأنّ التقييد وإن لم يكن مجازاً، إلّا أنّه خلاف الأصل، ولا فرق في الحقيقة بين تقييد الإطلاق، وبين أن يعمل عملاً يشترك مع التقييد في الأثر، وبطلانِ العمل به.

وما ذكرناه من الوجهين موافقٌ لما أفاده بعض مقرّري بحث الاستاذ العلّامة أعلى الله مقامه.

المناقشة في الوجهين

وأنت خبير بما فيهما:

أمّا في الأوّل: فلأنّ مفاد إطلاق الهيئة وإن كان شموليّاً بخلاف المادّة، إلّا أنّه لا يوجب ترجيحَه على إطلاقها ؛ لأنّه أيضاً كان بالإطلاق ومقدّمات الحكمة، غاية الأمر أنّها تارةً تقتضي العموم الشموليّ، وأُخرى البدليّ، كما ربّما تقتضي التعيين أحياناً، كما لا يخفى.

وترجيح عموم العامّ على إطلاق المطلق إنّما هو لأجل كون دلالته بالوضع، لا لكونه شموليّاً، بخلاف المطلق، فإنّه بالحكمة، فيكون العامّ أظهر منه، فيقدّم عليه.

فلو فُرض أنّهما في ذلك على العكس - فكان عامٌّ بالوضع دلّ على العموم البدليّ، ومطلقٌ بإطلاقه دلّ على الشمول - لكان العامُّ يقدّم بلا كلام.

وأمّا في الثاني: فلأنّ التقييد وإن كان خلافَ الأصل، إلّا أنّ العمل الّذي يوجب عدمَ جريان مقدّمات الحكمة، وانتفاءَ بعض مقدّماتها (١)، لا يكون على خلاف أصلٍ (٢) أصلاً ؛ إذ معه لا يكون هناك إطلاق، كي يكون بطلانُ العمل به في الحقيقة مثلَ التقييد الّذي يكون على خلاف الأصل.

وبالجملة: لا معنى لكون التقييد خلاف الأصل إلّا كونه خلاف الظهور

__________________

(١) في غير « ش »: مقدّماته.

(٢) في « ن » وبعض الطبعات: الأصل.

۳۸۳۱