خصوص الصحيحة أو الأعمّ، بمعنى أنّ أيّهما قد اعتبرت العلاقة بينه وبين المعاني اللغويّة ابتداءً، وقد استعمل في الآخر بتبعه ومناسبته، كي ينزّل كلامِه عليه مع القرينة الصارفة عن المعاني اللغويّة، وعدم قرينةٍ أُخرى معيّنةٍ للآخَر
الإشكال إثباتاً في تصوير النزاع بناءً على عدم القول بالحقيقة الشرعية
وأنت خبير بأنّه لا يكاد يصحّ هذا إلّا إذا علم أنّ العلاقة إنّما اعتبرت كذلك، وأنّ بناء الشارع في محاوراته استقرّ - عند عدم نصب قرينة أُخرى - على إرادته، بحيث كان هذا قرينة عليه من غير حاجة إلى قرينة معيّنة أُخرى (١)، وأنّى لهم بإثبات ذلك ؟
تصوير النزاع على مسلك الباقلّاني
وقد انقدح بما ذكرنا تصويرُ النزاع على ما نُسب إلى الباقلّانيّ (٢)، وذلك بأن يكون النزاع في أنّ قضيّة القرينة المضبوطة - الّتي لا يتعدّى عنها إلّا بالاخرى، الدالّة على أجزاء المأمور به وشرائطه - هو تمام الأجزاء والشرائط، أو هما في الجملة، فلا تغفل (٣).
الأمر الثاني: معنى الصحّة
ومنها: أنّ الظاهر أنّ الصحّة عند الكلّ بمعنى واحد، وهو التماميّة.
وتفسيرها بإسقاط القضاء - كما عن الفقهاء -، أو بموافقة الشريعة - كما عن المتكلّمين -، أو غير ذلك، إنّما هو بالمهمّ من لوازمها (٤) ؛ لوضوح اختلافه بحسب اختلاف الأنظار. وهذا لا يوجب تعدُّدَ المعنى، كما لا يوجبه اختلافها بحسب الحالات من السفر والحضر، والاختيار والاضطرار إلى غير ذلك، كما لا يخفى.
__________________
(١) الأولى: تقديم « أُخرى » على « معيّنة »، كما لا يخفى. ( منتهى الدراية ١: ١٠٥ ).
(٢) المنسوب إليه: أنّ الألفاظ باقية على معانيها اللغوية، والخصوصيات الزائدة عليها معتبرة في موضوع الأمر لا المستعمل فيه. ( حقائق الأُصول ١: ٥٤ ).
(٣) يبدو أنّ هذا تعريض بما ورد عن الشيخ الأعظم الأنصاري من إنكاره جريان النزاع على ما نسب إلى الباقلّاني. راجع مطارح الأنظار ١: ٣٤.
(٤) ذكر هذا التوضيح لمعنى الصحّة في مطارح الأنظار ١: ٥٥.