الإنشائيّ الإيقاعيّ الّذي هو مدلول الصيغة أو المادّة، ولم يكن بيّناً ولا مبيّناً في الاستدلال مغايرتُهُ مع الإرادة الإنشائيّة.

وبالجملة: الّذي يتكفّله الدليل ليس إلّا الانفكاك بين الإرادة الحقيقيّة والطلب المنشأ بالصيغة، الكاشف عن مغايرتهما، وهو ممّا لا محيصَ عن الالتزام به - كما عرفت (١) -، ولكنّه لا يضرّ بدعوى الاتّحاد أصلاً ؛ لمكان هذه المغايرة والانفكاك بين الطلب الحقيقيّ والإنشائيّ، كما لا يخفى.

المصالحة بين الطرفين

ثمّ إنّه يمكن - ممّا حقّقناه - أن يقع الصلح بين الطرفين، ولم يكن نزاعٌ في البين، بأن يكون المراد بحديث الاتّحاد ما عرفت من العينيّة مفهوماً ووجوداً، حقيقيّاً وإنشائيّاً، ويكون المراد بالمغايرة والاثنينيّة هو اثنينيّة الإنشائيّ من الطلب - كما هو كثيراً ما يراد من إطلاق لفظه - والحقيقيّ (٢) من الإرادة - كما هو المراد غالباً منها حين إطلاقها -، فيرجع النزاع لفظيّاً، فافهم.

دفع وهْم في فهم كلام الأصحاب والمعتزلة

دفعُ وهمٍ:

لا يخفى: أنّه ليس غرض الأصحاب والمعتزلة من نفي غير الصفات المشهورة، - وأنّه ليس صفة أُخرى قائمة بالنفس، كانت كلاماً نفسيّاً مدلولاً للكلام اللفظيّ، كما يقول به الأشاعرة - أنّ هذه الصفات المشهورة مدلولات للكلام (٣).

إن قلت: فماذا يكون مدلولاً عليه عند الأصحاب والمعتزلة ؟

__________________

(١) آنفاً، إذ قال: ضرورة أنّ المغايرة بينهما أظهر من الشمس وأبين من الأمس.

(٢) الأولى أن يقال: « والحقيقيّة من الإرادة ». ( منتهى الدراية ١: ٣٩٢ ).

(٣) هذا ما توهمه عبارة القوشجي في شرح التجريد: ٢٤٦، كما ذكره المصنّف في فوائده: ٢٨٨.

۳۸۳۱