ويؤيّده قوله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِه﴾ (١) ؛ وقوله صلىاللهعليهوآله: « لو لا أن أشُقَّ على امّتي لأمرتُهم بالسِّواك » (٢) ؛ وقوله صلىاللهعليهوآله لبريرة - بعد قولها: « أتأمرني يا رسول الله ؟ » -: « لا، بل إنّما أنا شافعٌ (٣) »... إلى غير ذلك ؛ وصحّةُ الاحتجاج على العبد ومؤاخذتِهِ بمجرّد مخالفة أمره، وتوبيخه على مجرّد مخالفته، كما في قوله تعالى: ﴿ما مَنَعَكَ ألّاتَسْجُدَ إذْ أمَرْتُكَ﴾ (٤).
أدلّة القول بوضع الأمر لمطلق الطلب ومناقشتها
وتقسيمُه إلى الإيجاب والاستحباب إنّما يكون قرينةً على إرادة المعنى الأعمّ منه في مقام تقسيمه. وصحّةُ الاستعمال في معنى أعمُّ من كونه على نحو الحقيقة، كما لا يخفى.
وأمّا ما افيد (٥) من أنّ الاستعمال فيهما ثابت، فلو لم يكن موضوعاً للقدر المشترك بينهما لزم الاشتراك أو المجاز، فهو غير مفيد ؛ لما مرّت الإشارة إليه في الجهة الأُولى (٦) وفي تعارض الأحوال (٧)، فراجع.
__________________
(١) النور: ٦٣.
(٢) وسائل الشيعة ٢: ١٧، الباب ٣ من أبواب السواك، الحديث ٤.
(٣) إن بريرة كانت أمة لعائشة وزوّجتها بعبد ثمّ أعتقتها، فلمّا علمت بريرة بخيارها في نكاحها بعد العتق أرادت مفارقة زوجها، فاشتكى الزوج إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال لبريرة: « إرجعي إلى زوجك فإنّه أبو وُلدك وله عليك منّة »، فقالت يا رسول الله: « أتأمرني بذلك ؟ » فقال صلىاللهعليهوآله: « لا، إنّما أنا شافع » قالت: « فلا حاجة لي فيه ». ( منتهى الدراية ١: ٤٢١ - ٤٢٢ ). ويراجع مستدرك الوسائل ١٥: ٣٢، الباب ٣٦ من أبواب نكاح العبيد والإماء، الحديث ٣.
(٤) الأعراف: ١٢.
(٥) في مبادئ الوصول: ٩٣، والمعالم: ٥٠ ( حجة القائلين بأنّه للقدر المشترك ).
(٦) من مباحث مادّة الأمر، حيث قال في الصفحة السابقة: وما ذكر في الترجيح عند تعارض هذه الأحوال لو سلّم....
(٧) الأمر الثامن من المقدّمة، إذ قال: وأمّا إذا دار الأمر بينها، فالأُصوليون وإن ذكروا لترجيح بعضها على بعض وجوهاً.... انظر الصفحة: ٣٨.