لا يصدق على من لم يكن (١) متلبّساً بالمبادئ، وإن كان متلبّساً بها قبل الجري والانتساب، ويصحّ سلبها عنه، كيف ؟ وما يضادّها بحسب ما ارتكز من معناها في الأذهان يصدق عليه ؛ ضرورةَ صدق القاعد عليه في حال تلبّسه بالقعود بعد انقضاء تلبُّسه بالقيام، مع وضوح التضادّ بين القاعد والقائم بحسب ما ارتكز لهما من المعنى، كما لا يخفى.
حجّة أُخرى على الاشتراط: مضادّة الصفات
وقد يقرّر هذا وجهاً على حدة، ويقال: لا ريب في مضادّة الصفات المتقابلة المأخوذة من المبادئ المتضادّة على ما ارتكز لها من المعاني، فلو كان المشتقّ حقيقةً في الأعمّ لما كان بينها مضادّة، بل مخالفة ؛ لتصادقها في ما انقضى عنه المبدأ وتلبَّسَ بالمبدأ الآخر (٢).
الإشكال على دليل مضادّة الصفات والجواب عنه
ولا يرد على هذا التقرير ما أورده بعضُ الأجلّة من المعاصرين (٣)، من عدم التضادّ على القول بعدم الاشتراط ؛ لما عرفت من ارتكازه بينها، كما في مبادئها.
إن قلت: لعلّ ارتكازها لأجل السبق من الإطلاق، لا الاشتراط.
قلت: لا يكاد يكون لذلك ؛ لكثرة استعمال المشتقّ في موارد الانقضاء، لو لم يكن بأكثر.
إن قلت: على هذا، يلزم أن يكون في الغالب أو الأغلب مجازاً، وهذا بعيد ربما لا يلائمه حكمة الوضع. لا يقال: كيف ؟ وقد قيل بأنّ أكثر المحاورات
__________________
(١) الصواب: « من لا يكون متلبساً فعلاً بالمبادئ » ؛ إذ غرضه قدسسره صحّة السلب عمّن لا يكون متصفاً فعلاً بالمبادئ، وإن كان متلبساً بها قبله وانقضى عنه. ( منتهى الدراية ١: ٢٦٩ ).
(٢) أشار إلى هذا الدليل: العضدي، وارتضاه المحقّق القمّي، كما في بدائع الأفكار: ١٨١.
(٣) هو المحقّق الرشتيّ في بدائع الأفكار: ١٨١.