مجازات ؛ فإنّ ذلك - لو سلّم - فإنّما هو لأجل تعدّد المعاني المجازيّة بالنسبة إلى المعنى الحقيقيّ الواحد. نعم، ربما يتّفق ذلك بالنسبة إلى معنى مجازيّ، لكثرة الحاجة إلى التعبير عنه، لكن أين هذا ممّا إذا كان دائماً كذلك ؟ فافهم.

قلت: - مضافاً إلى أنّ مجرّد الاستبعاد غيرُ ضائرٍ بالمراد بعدَ مساعدة الوجوه المتقدّمة عليه - إنّ ذلك إنّما يلزم لو لم يكن استعماله في ما انقضى بلحاظ حال التلبّس، مع أنّه بمكان من الإمكان، فيراد من « جاء الضاربُ »، أو « الشارب » - وقد انقضى عنه الضرب والشرب -: جاء الّذي كان ضارباً وشارباً قبل مجيئه حالَ التلبّس بالمبدأ، لا حينه بعد الانقضاء، كي يكون الاستعمال بلحاظ هذا الحال، وجعلُهُ معنوناً بهذا العنوان فعلاً بمجرّد تلبّسه قبل مجيئه ؛ ضرورةَ أنّه لو كان للأعمّ لصحّ استعماله بلحاظ كلا الحالين.

وبالجملة: كثرة الاستعمال في حال الانقضاء يمنع عن دعوى سبق خصوص حال التلبّس من الإطلاق ؛ إذ مع عموم المعنى وقابليّة كونه حقيقة في المورد - ولو بالانطباق - لا وجه لملاحظة حالةٍ أُخرى، كما لا يخفى.

بخلاف ما إذا لم يكن له العموم، فإنّ استعماله حينئذٍ مجازاً بلحاظ حال الانقضاء وإن كان ممكناً، إلّا أنّه لمّا كان بلحاظ حال التلبّس على نحو الحقيقة بمكانٍ من الإمكان، فلا وجه لاستعماله وجريه على الذات مجازاً وبالعناية وملاحظة العلاقة، وهذا غير استعمال اللفظ في ما لا يصحّ استعماله فيه حقيقةً، كما لا يخفى، فافهم.

الإشكال على دليل صحّة السلب والجواب عنه

ثمّ إنّه ربما أُورد على الاستدلال بصحّة السلب بما حاصله: أنّه إن أُريد بصحّة السلب صحّتُه مطلقاً، فغير سديد، وإن أُريد مقيّداً، فغير مفيد ؛ لأنّ علامة المجاز هي صحّة السلب المطلق (١).

__________________

(١) ورد هذا الإشكال والجواب عنه في بدائع الأفكار: ١٨٠، وراجع الفصول: ٦١.

۳۸۳۱