فلفظ « الابتداء » لو استعمل في المعنى الآليّ، ولفظة « من » في المعنى الاستقلاليّ لما كان مجازاً واستعمالاً له في غير ما وضع له، وإن كان بغير ما وضع له.
فالمعنى في كليهما في نفسه كليٌّ طبيعيٌّ يصدق على كثيرين، ومقيّداً باللحاظ الاستقلاليّ أو الآليّ كليٌ (١) عقليٌ (٢)، وإن كان بملاحظة أنّ لحاظَهُ وجودُهُ ذهناً كان (٣) جزئيّاً ذهنيّاً ؛ فإنّ الشيء ما لم يتشخّص لم يوجد وإن كان بالوجود الذهنيّ.
فافهم وتأمّل في ما وقع في المقام من الأعلام من الخلط والاشتباه، وتوهُّمِ كون الموضوع له أو المستعمل فيه في الحروف خاصّاً، بخلاف ما عداه (٤)، فإنّه عامّ.
وليت شعري، إن كان قصد الآليّة فيها موجباً لكون المعنى جزئيّاً،
__________________
(١) في الأصل: الآليّ الكلّي كلّي.
(٢) اعلم: أنّ الكلّي الطبيعي نفس معروض الكلّية كالحيوان والإنسان، والكلّي العقلي هو الحيوان بوصف الكلّية، وحيث إنّ الكلّية من الاعتبارات العقليّة، فلا محالة لا موطن للموصوف بها بما هو كذلك إلّا في العقل ؛ ولذا وصف بالكلّي العقلي، لا أنّ كلّيته العقليّة بلحاظ تقيّده باللحاظ الاستقلالي أو الآلي - كما في المتن - كيف ؟ واللحاظ - الذي هو وجوده الذهني - مصحّح جزئيّته في الذهن، مع أنّ صيرورته جزئياً ذهنياً بملاحظة تقيّده بالوجود الذهني مسامحة واضحة ؛ إذ الجزئية والكلّية من اعتبارات المعاني والمفاهيم ؛ لأنّ الإباء عن الصدق وعدمه إنّما يعقل في المفهوم لا في الوجود، فالموجود مطلقاً خارج عن المقسم. ( نهاية الدراية ١: ١٨٢ - ١٨٣ ). يلاحظ أيضاً: كفاية الأُصول مع حاشية المشكيني ١: ٢٣٤ - ٢٣٥.
(٣) لا يخفى أنّ لفظة « كان » هذه مستغنى عنها. وقوله قدسسره: « جزئياً » خبر قوله: « كان » في: « وإن كان بملاحظة » كما هو في غاية الوضوح، نعم، بناءً على كون كلمة « إن » شرطية لا تكون « كان » زائدة، بل جواباً للشرط، لكن هذا الاحتمال في غاية البُعد. ( منتهى الدراية ١: ٢٤٧ ).
(٤) الأولى: تأنيث الضمير ؛ لرجوعه إلى الحروف. ( منتهى الدراية ١: ٢٤٨ ).