والاستدلال بأنّ فعل المندوب طاعة، وكلّ طاعة فهو فعل المأمور به، فيه ما لا يخفى، من منع الكبرى لو أُريد من المأمور به معناه الحقيقيّ، وإلّا لايفيد المدّعى (١).
الجهة الرابعة
الأمر موضوع للطلب الإنشائيّ
الظاهر: أنّ الطلب الّذي يكون هو معنى الأمر ليس هو الطلب الحقيقيّ - الّذي يكون طلباً بالحمل الشائع الصناعيّ (٢) -، بل الطلب الإنشائيّ - الّذي لا يكون بهذا الحمل طلباً مطلقاً، بل طلباً إنشائيّاً -، سواء انشئ بصيغة « إفعل »، أو بمادّة الطلب، أو بمادّة الأمر، أو بغيرها.
ولو أبيت إلّا عن كونه موضوعاً للطلب، فلا أقلّ من كونه منصرفاً إلى الإنشائيّ منه عند إطلاقه، كما هو الحال في لفظ « الطلب » أيضاً، وذلك لكثرة الاستعمال في الطلب الإنشائيّ.
كما أنّ الأمر في لفظ « الإرادة » على عكس لفظ « الطلب »، والمنصرف عنها (٣) عند إطلاقها هو الإرادة الحقيقيّة.
واختلافُهما في ذلك ألجأ بعضَ أصحابنا (٤) إلى الميل إلى ما ذهب إليه
__________________
(١) الفصول: ٦٤.
(٢) الأولى: تبديل قوله: « بالحمل الشائع الصناعي »، بقوله: « طلباً مطلقاً لا إنشائياً » ؛ وذلك لأنّ الموضوع في الحمل الشائع هو المصداق لا المفهوم، كما في: زيد إنسان ونحوه، وباب الوضع القائم بالمفاهيم أجنبي عن الوجود المتقوّم به الحمل، ولا ينبغي خلط أحدهما بالآخر. ( منتهى الدراية ١: ٣٧٩ ). وراجع حقائق الأُصول ١: ١٤٥.
(٣) سوق العبارة يقتضي أن يقال: إذ المنصرف، أو: حيث إن المنصرف. ( منتهى الدراية ١: ٣٨١ ).
(٤) كالمحقّق التقي في هداية المسترشدين ١: ٥٨٩، والمحقّق الخوانساري في رسالته في مقدّمة الواجب، نقله عنه في بدائع الأفكار: ٢٥٦.