بالحالة التي عليها هذا العلم في مضمونه ومنهجه لدى حوزات العلم الإسلامية الشيعيّة كالنجف وقم، فإنّ مستوى الأبحاث الأُصولية لدى المدارس الإسلامية الأُخرى يعكس جموداً مملاًّ يمكن أن نتلمّس آثاره الواضحة في جفاف البحث الفقهي فيها وجموده وانغلاقه على نفسه في ما يواجهه من المشاكل العصيّة على مختلف الأصعدة وعلى صعيد معالجة القضايا المستجدّة على الخصوص.

ونقطة الانطلاق في علم الأُصول الجديد هي الأُسس التي وضعها المجدّد الأكبر لهذا العلم العلّامة الكبير الوحيد البهبهاني قدس‌سره بما قام به من تأسيس لحجّيّة القطع، وجعلها الأساس في بحوث الحجج والأُصول، ثمّ تمييزه بين نوعي الدليل الفقاهتي والاجتهادي، الذي ادّى به إلى التمييز بين نوعي الحكم الشرعي: الظاهري والواقعي.

ثمّ جاء الشيخ الأعظم الأنصاري ليبني على تلك الأُسس النظام العام لأبحاث الأمارات والأُصول، أي القسم المتصدّي لقواعد إثبات الدليل من أبحاث علم الأُصول ضمن كتابه الفريد: فرائد الأُصول، ممّا جعله - بحقّ - مؤسّساً لأبحاث الأدلّة - أو ما تعارف تسميتها بأبحاث الأمارات والأُصول - في علم الأُصول الجديد، وبقي القسم الآخر لأبحاث الأُصول وهو القسم المتصدّي لقواعد إثبات الدلالة ينتظر من يضع لها تصميمها ونظامها الجديد.

وقد قدّر للمجدّد الكبير الآخوند المولى محمدكاظم الخراساني أحد أبرز تلامذة الشيخ الأعظم الأنصاري أن يكون هو القائم بهذه المهمّة العلميّة الكبرى ضمن كتابه: « كفاية الأُصول » وهو هذا الكتاب، فوضع خلال ما قدّمه في هذا الكتاب التصميم الشامل الجديد لأبحاث هذا العلم متّبعاً في قسم الأمارات والأُصول أثر أُستاذه الشيخ الأعظم مضيفاً إلى ما تركه أُستاذه

۳۸۳۱