وذلك لوضوح (١) أنّ الألفاظ لا تكون موضوعة إلّا لنفس المعاني بلا ملاحظة قيد الوحدة، وإلّا لما جاز الاستعمال في الأكثر ؛ لأنّ الأكثر ليس جزءَ المقيّد بالوحدة، بل يباينه مباينةَ الشيء بشرط شيءٍ والشيء بشرط لا، كما لا يخفى.

والتثنية والجمع وإن كانا بمنزلة التكرار في اللفظ، إلّا أنّ الظاهر أنّ اللفظ فيهما كأنّه كرّر، وأُريد من كلّ لفظٍ فردٌ من أفراد معناه، لا أنّه أُريد منه معنى من معانيه. فإذا قيل مثلاً: « جئني بعينين » أُريد فردان من العين الجارية، لا العين الجارية والعين الباكية.

والتثنية والجمع في الأعلام إنّما هو بتأويل المفرد إلى المسمّى بها.

مع أنّه لو قيل بعدم التأويل، وكفاية الاتّحاد في اللفظ في استعمالهما حقيقةً، بحيث جاز إرادة عين جارية وعين باكية من تثنية « العين » حقيقةً، لما كان هذا من باب استعمال اللفظ في الأكثر ؛ لأنّ هيئتهما إنّما تدلّ على إرادة المتعدّد ممّا يراد من مفردهما، فيكون استعمالهما وإرادة المتعدّد من معانيه استعمالهما في معنى واحد، كما إذا استعملا وأُريد المتعدّد من معنى واحد منهما، كما لا يخفى.

نعم، لو أُريد - مثلاً - من « عينين »: فردان من الجارية، وفردان من الباكية كان من استعمال العينين في المعنيين، إلّا أنّ حديث التكرار لا يكاد يجدي في ذلك أصلاً ؛ فإنّ فيه إلغاء قيد الوحدة المعتبرة أيضاً ؛ ضرورةَ أنّ

__________________

(١) في العبارة مسامحة ؛ إذ لازم التنزّل تسليم كون الوحدة قيداً للموضوع له، ومعه لا وجه للاعتراض بأنّ اللفظ موضوع لنفس المعنى، نعم، الاعتراضات الأُخر واردة عليه بعد التسليم المذكور ( كفاية الأُصول مع حاشية المشكيني ١: ٢١١ ). وراجع حقائق الأُصول ١: ٩٣.

۳۸۳۱