والاستصحاب المثبتين لكون الدم حيضاً، فيحكم بجميع أحكامه، ومنها حرمة الصلاة عليها، لا لأجل تغليب جانب الحرمة كما هو المدّعى.

هذا لو قيل بحرمتها الذاتيّة في أيّام الحيض، وإلّا فهو خارج عن محلّ الكلام.

ومن هنا انقدح: أنّه ليس منه ترك الوضوء من الإناءين ؛ فإنّ حرمة الوضوء من الماء النجس ليس إلّا تشريعيّاً، ولا تشريعَ في ما لو توضّأ منهما احتياطاً، فلا حرمة في البين غُلّب جانبها. فعدم جواز الوضوء منهما ولو كذلك، - بل إراقتهما، كما في النصّ (١) - ليس إلّا من باب التعبّد، أو من جهة الابتلاء بنجاسة البدن ظاهراً بحكم الاستصحاب ؛ للقطع بحصول النجاسة حال ملاقاة المتوضّئ من (٢) الإناء (٣) الثانية: إمّا بملاقاتها، أو بملاقاة الأُولى وعدم استعمال مطهّر (٤) بعدَه، ولو طهّر بالثانية مواضع الملاقاة بالأُولى.

نعم، لو طهُرت - على تقدير نجاستها - بمجرّد ملاقاتها، - بلا حاجةٍ إلى التعدّد أو انفصال (٥) الغسالة - لا يعلم (٦) تفصيلاً بنجاستها، وإن علم بنجاستها حين ملاقاة الأُولى أو الثانية إجمالاً، فلامجال لاستصحابها، بل كانت قاعدة الطهارة محكّمةً.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١: ١٥١، الباب ٨ من أبواب الماء المطلق، الحديث ٢.

(٢) متعلّق ب « ملاقاة » والأولى أن يقال: « للإناء الثانية ». ( منتهى الدراية ٣: ٢٢٦ ).

(٣) في « ر »: الآنية.

(٤) الصواب أن يقال: « وعدم العلم باستعمال مطهّر »، لا نفي استعماله واقعاً ؛ لاحتماله مع كون ماء الأولى نجساً واقعاً. ( منتهى الدراية ٣: ٢٢٦ ). ويؤيّد ذلك كلامه في حاشيته على الفرائد: ٣٥٤ ؛ حيث قال: وعدم استعمال مطهّرٍ يقينيٍّ بعده.

(٥) في بعض الطبعات: وانفصال.

(٦) الأنسب: لم يعلم.

۳۸۳۱