تلك الموارد (١) ؛ فإنّ الحكم الواقعيّ بمرتبة (٢) محفوظٌ فيها (٣) ؛ فإنّ الحكم المشترك بين العالم والجاهل، والملتفت والغافل، ليس إلّا الحكم الإنشائيّ المدلول عليه بالخطابات المشتملة على بيان الأحكام للموضوعات بعناوينها الأوّليّة، بحسب ما يكون فيها من المقتضيات، وهو ثابت في تلك الموارد كسائر موارد الأمارات.

وإنّما المنفيّ فيها ليس إلّا الحكم الفعليّ البعثيّ، وهو منفيّ في غير موارد الإصابة وإن لم نقل بالإجزاء.

فلا فرق بين الإجزاء وعدمه إلّا في سقوط التكليف بالواقع بموافقة الأمر الظاهريّ، وعدمِ سقوطه بعد انكشاف عدم الإصابة.

وسقوط التكليف - بحصول غرضه، أو لعدم إمكان تحصيله - غيرُ التصويب المجمع على بطلانه - وهو خلوّ الواقعة عن الحكم غير ما أدّت إليه الأمارة -.

كيف (٤) ؟ وكان الجهل بها - بخصوصيّتها أو بحكمها - مأخوذاً في موضوعها، فلابدّ من أن يكون الحكمُ الواقعيُّ بمرتبة محفوظاً فيها، كما لا يخفى.

__________________

(١) دفع لما يفهم من ظاهر الرسالة ( فرائد الأُصول ١: ١١٩ ) تبعاً لما نقله عن تمهيد القواعد ( ١: ٣٢٢ - ٣٢٣ ) من أن الإجزاء لازم مساوٍ للتصويب الباطل، وعدمُه لازم مساوٍ للتخطئة ( كفاية الأُصول مع حاشية المشكيني ١: ٤٤٣ ).

(٢) أوردنا اللفظة هنا وفي السطر الأخير من البحث وفقاً لما هو المحتمل قوياً من نسخة الأصل، وكما جاءت في نهاية الدراية وحقائق الأُصول ومنتهى الدراية. وفي « ن » وسائر الطبعات: « بمرتبته ».

(٣) هذا مناسبٌ تقريباً لعدم التنافي بين تضادّ الأحكام الواقعية والظاهرية وبين التخطئة... وأما ما يناسب المقام من عدم منافاة الإجزاء للتخطئة، فهو ما أفاده بقوله في آخر بيانه: « وسقوط التكليف... ». ( حقائق الأُصول ١: ٢١٣ ).

(٤) هذا يشبه أن يكون ردّاً على التصويب، لا عدم المنافاة بين الإجزاء والتخطئة. ( حقائق الأُصول ١: ٢١٥ ).

۳۸۳۱