في مقام البيان - بل في مقام الإهمال أو الإجمال -، فالمرجع هو الأصل، وإمّا أن يكون إطلاقها في ذلك المقام، فلا إشكال في الاكتفاء بالمرّة في الامتثال.

وإنّما الإشكال في جواز أن لا يقتصر عليها، فإنّ لازم إطلاق الطبيعة المأمور بها هو الإتيان بها مرّةً أو مراراً، لا لزوم الاقتصار على المرّة، كما لا يخفى.

والتحقيق: أنّ قضيّة الإطلاق إنّما هو جواز الإتيان بها مرّةً في ضمن فردٍ أو أفراد، فيكون إيجادها في ضمنها نحواً من الامتثال، كإيجادها في ضمن الواحد، لا جواز الإتيان بها مرّةً ومرّات ؛ فإنّه مع الإتيان بها مرّةً لا محالة يحصل الامتثال، ويسقط به الأمر، في ما إذا كان امتثال الأمر علّةً تامّةً (١) لحصول الغرض الأقصى، بحيث يحصل بمجرّده، فلا يبقى معه مجالٌ لإتيانه ثانياً بداعي امتثال آخر، أو بداعي أن يكون الإتيانان امتثالاً واحداً ؛ لما عرفت من حصول الموافقة بإتيانها، وسقوطِ الغرض معها، وسقوط الأمر بسقوطه، فلا يبقى مجال لامتثاله أصلاً.

وأمّا إذا لم يكن الامتثال علّةً تامّةً لحصول الغرض، كما إذا أمر بالماء ليشرب أو يتوضّأ، فاتي به ولم يشرب أو لم يتوضّأ فعلاً، فلا يبعد صحّة تبديل الامتثال بإتيان فردٍ آخر أحسن منه، بل مطلقاً، كما كان له ذلك قبله، على ما يأتي بيانه في الإجزاء (٢).

__________________

(١) في العبارة مسامحة ؛ لأنّ الامتثال علّة تامّة دائماً، والوجه: التعبير ب: الإتيان. ( كفاية الأُصول مع حاشية المشكيني ١: ٣٩٩ ).

(٢) في الموضع الأول من مبحث الإجزاء، قوله: نعم، لا يبعد أن يقال: بأنّه يكون للعبد تبديل الامتثال والتعبد به ثانياً... راجع الصفحة: ١٢١.

۳۸۳۱