الأخبار بقوله - تعالى -: ﴿لا ينالُ عَهدِي الظالِمين﴾ (١) على عدم لياقة مَنْ عَبَدَ صنماً أو وثناً لمنصب الإمامة والخلافة، تعريضاً بمن تصدّى لها ممّن عبد الصنم مدّة مديدة. ومن الواضح توقّفُ ذلك على كون المشتقّ موضوعاً للأعمّ، وإلّا لما صحّ التعريض ؛ لانقضاء تلبّسهم بالظلم وعبادتهم للصنم حين التصدّي للخلافة.
الجواب عن الدليل الثالث
والجواب: منع التوقّف على ذلك، بل يتمّ الاستدلال ولو كان موضوعاً لخصوص المتلبّس.
وتوضيح ذلك يتوقّف على تمهيد مقدّمة، وهي: أنّ الأوصاف العنوانيّة - الّتي تؤخذ في موضوعات الأحكام - تكون على أقسام:
أحدها: أن يكون أخذ العنوان لمجرّد الإشارة إلى ما هو في الحقيقة موضوعٌ للحكم ؛ لمعهوديّته بهذا العنوان، من دون دَخْلٍ لاتّصافه به في الحكم أصلاً.
ثانيها: أن يكون لأجل الإشارة إلى علّيّة المبدأ للحكم، مع كفاية مجرّد صحّة جري المشتقّ عليه ولو في ما مضى.
ثالثها: أن يكون لذلك مع عدم الكفاية، بل كان الحكم دائراً مدار صحّةِ الجري عليه، واتّصافه به حدوثاً وبقاءً.
إذا عرفت هذا فنقول: إنّ الاستدلال بهذا الوجه إنّما يتمّ لو كان أخذ العنوان في الآية الشريفة على النحو الأخير ؛ ضرورة أنّه لو لم يكن المشتقّ للأعمّ لما تمّ، بعد عدم التلبّس بالمبدأ ظاهراً حين التصدّي، فلابدّ أن يكون للأعمّ، ليكون حين التصدّي حقيقةً من الظالمين، ولو انقضى عنهم التلبّس بالظلم، وأمّا إذا كان على النحو الثاني، فلا، كما لا يخفى.
__________________
(١) البقرة: ١٢٤.