جزء عبادة بما هو عبادة - كما عرفت (١) - مقتضٍ لفسادها ؛ لدلالته على حرمتها ذاتاً، ولا يكاد يمكن اجتماع الصحّة - بمعنى موافقة الأمر أو الشريعة - مع الحرمة، وكذا بمعنى سقوط الإعادة ؛ فإنّه مترتّب على إتيانها بقصد القربة، وكانت ممّا يصلح لأن يتقرّب به (٢)، ومع الحرمة لا تكاد تصلح لذلك، ولا يتأتّى (٣) قصدُها من الملتفِت إلى حرمتها، كما لا يخفى.

الإشكال في الاقتضاء

لا يقال: هذا لو كان النهي عنها دالّاً على الحرمة الذاتيّة، ولا يكاد يتّصف بها العبادة ؛ لعدم الحرمة بدون قصد القربة، وعدمِ القدرة عليها مع قصد القربة بها إلّا تشريعاً، ومعه تكون محرّمة بالحرمة التشريعيّة لا محالة، ومعه لا تتّصف بحرمة أُخرى ؛ لامتناع اجتماع المثلين كالضدّين.

الجواب الأول عن الإشكال

فإنّه يقال: لا ضير في اتّصاف ما يقع عبادةً - لو كان مأموراً به - بالحرمة الذاتيّة، مثلاً: صوم العيدين كان عبادةً منهيّاً عنها، بمعنى أنّه لو أُمر به كان عبادةً، لا يسقط الأمر به إلّا إذا أُتي به بقصد القربة، كصوم سائر الأيّام.

هذا في ما إذا لم يكن ذاتاً عبادةً، كالسجود لله - تعالى - ونحوه، وإلّا كان محرّماً مع كونه فعلاً عبادةً، مثلاً: إذا نُهِي الجنبُ أو الحائض عن السجود له - تبارك وتعالى -، كان عبادةً محرّمةً ذاتاً حينئذٍ ؛ لما فيه من المفسدة والمبغوضيّة في هذا الحال.

__________________

(١) في أوائل الأمر الثامن من هذا الفصل ؛ إذ قال: وكذا القسم الثاني، بلحاظ أنّ جزء العبادة عبادة. راجع الصفحة: ٢٥٦.

(٢) كذا في الأصل و « ن ». وفي سائر الطبعات: بها.

(٣) أثبتناها من « ر » ومنتهى الدراية. وفي غيرهما: ويتأتّى.

۳۸۳۱