فالصحّة بهذا المعنى فيه وإن كان ليس بحكمٍ وضعيٍّ مجعولٍ بنفسه أو بتبع تكليفٍ، إلّا أنّه ليس (١) بأمرٍ اعتباريِّ يُنتزع - كما تُوهّم (٢) -، بل ممّا يستقلّ به العقل، كما يستقلّ باستحقاق المثوبة به.
وفي غيره، فالسقوط ربما يكون مجعولاً، وكان الحكم به تخفيفاً ومنّةً على العباد، مع ثبوت المقتضي لثبوتهما - كما عرفت في مسألة الإجزاء (٣) - كما ربما يحكم بثبوتهما، فيكون الصحّة والفساد فيه حكمين مجعولين، لا وصفين انتزاعيّين.
نعم، الصحّة والفساد في الموارد الخاصّة لا يكاد يكونان مجعولين، بل إنّما هي تتّصف بهما بمجرّد الانطباق على ما هو المأمور به (٤).
هذا في العبادات.
وأمّا الصحّة في المعاملات: فهي تكون مجعولة ؛ حيث كان ترتّب الأثر على معاملة إنّما هو بجعل الشارع، وترتيبه عليها ولو إمضاءً ؛ ضرورة أنّه لولا جعله (٥) لما كان يترتّب عليه ؛ لأصالة الفساد.
نعم، صحّة كلّ معاملة شخصيّةٍ وفسادُها ليس إلّا لأجل انطباقها مع ما
__________________
(١) الأولى: « وإن كانت ليست بحكم وضعي... إلّا أنّها ليست » ؛ لرجوع الضمائر إلى الصحّة. راجع منتهى الدراية ٣: ٢٦٠.
(٢) في مطارح الأنظار ١: ٧٣٧.
(٣) في إجزاء المأمور به الاضطراري عن الأمر الواقعي ؛ حيث قال: وإن لم يكن وافياً، وقد أمكن تدارك الباقي... راجع الصفحة: ١٢٣.
(٤) حقّ العبارة أن تكون هكذا: بمجرّد انطباق المأمور به عليها. ( منتهى الدراية ٣: ٢٦٢ ).
(٥) من قوله في الصفحة: ٢١٧: العاشر: « أنّه لا إشكال في سقوط الأمر... ». إلى هنا سقط من الأصل.