ومع ذلك يكون تركه أرجح، كما يظهر من مداومة الأئمّة عليهم‌السلام على الترك (١) -:

إمّا لأجل انطباق عنوانٍ ذي مصلحةٍ (٢) على الترك، فيكون الترك - كالفعل - ذا مصلحةٍ موافقةٍ للغرض، وإن كان مصلحة الترك أكثر، فهما حينئذٍ يكونان من قبيل المستحبّين المتزاحمين، فيحكم بالتخيير بينهما لو لم يكن أهمّ في البين، وإلّا فيتعيّن الأهمّ، وإن كان الآخر يقع صحيحاً ؛ حيث إنّه كان راجحاً وموافقاً للغرض، كما هو الحال في سائر المستحبّات المتزاحمات، بل الواجبات.

وأرجحيّة الترك من الفعل لا توجب حزازة ومنقصة فيه أصلاً (٣) *، كما يوجبها ما إذا كان فيه مفسدةً غالبةً على مصلحته، ولذا لا يقع صحيحاً على

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٠: ٤٥٧، باب استحباب صوم يوم التاسع والعاشر من المحرم حزناً.

(٢) في نهاية الدراية ٢: ٣٣٠: « راجح » بدل: ذي مصلحة.

(٣)( * ) ربّما يقال: إنّ أرجحيّة الترك وإن لم توجب منقصةً وحزازة في الفعل أصلاً، إلّا أنّه توجب المنع منه فعلاً، والبعث إلى الترك قطعاً، كما لا يخفى. ولذا كان ضدّ الواجب - بناءً على كونه مقدّمةً له - حراماً، ويفسد لو كان عبادة. مع أنّه لا حزازة في فعله، وإنّما كان النهي عنه وطلب تركه لما فيه من المقدّميّة له، وهو على ما هو عليه من المصلحة، فالمنع عنه لذلك كافٍ في فساده لو كان عبادة.

قلت: يمكن أن يقال: إنّ النهي التحريميّ لذلك وإن كان كافياً في ذلك بلا إشكالٍ، إلّا أنّ التنزيهيّ غير كافٍ، إلّا إذا كان عن حزازة فيه ؛ وذلك لبداهة عدم قابليّة الفعل للتقرّب به منه - تعالى - مع المنع عنه وعدم ترخيصه في ارتكابه. بخلاف التنزيهيّ عنه إذا كان لا لحزازة فيه، بل لما في الترك من المصلحة الراجحة، حيث إنّه معه مرخّص فيه، وهو على ما هو عليه من الرجحان والمحبوبيّة له - تعالى -، ولذلك لم تفسد العبادة إذا كانت ضدّاً لمستحبّة أهمّ اتّفاقاً، فتأمّل. ( منه قدس‌سره ).

۳۸۳۱