عن أن يصنع المحرم شيئاً يمنع من وصول الشمس إليه ، سواء بجعل شيء فوق رأسه أو بجعله على أحد جوانبه ليستظل به.
ولعلّ أحسن ما استدلّوا به على اختصاص حرمة التظليل بما هو فوق الرأس ، صحيح ابن سنان قال : «سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول لأبي وشكى إليه حرّ الشمس وهو محرم وهو يتأذى به ، فقال : ترى أن أستر بطرف ثوبي؟ قال : لا بأس بذلك ما لم يصبك رأسك» (١).
ولكنّه واضح الدفع ، لأنّ السائل كان يتأذّى من حرّ الشمس ، فجوّز له الاستظلال للضرورة ونهاه عن التغطية وستر رأسه فإن ذلك محرم آخر غير الاستظلال ، فمورد الرواية هو الاضطرار لا الاختيار ، فمعنى الرواية أنّه يجوز لك الاستظلال للضرورة ولكن لا تستر رأسك ولا تغطيه ، فلا تدل الرواية على جواز الاستظلال اختياراً بأحد الجانبين الّذي هو محل الكلام.
الرابعة : هل يختص الحكم بحرمة التظليل بما إذا كان الساتر سائراً كظل سقف السيارة أو القبّة والمحمل ونحو ذلك أو يعم الاستظلال بالظل الثابت المستقر كظل الأشجار والجدران والجبال ونحو ذلك.
ذكر بعضهم الجواز في الظل الثابت واختصاص المنع بالظل السائر كالعلّامة في المنتهي (٢) والفخر (٣) وأيدهما في الجواهر ج ١٨ ص ٤٠٣ ، وهو الصحيح ، وذلك لأنّه لو كان هذا أمراً محرماً لكان أمراً ظاهراً وواضحاً جدّاً ، لكثرة ابتلاء الحاج حال سيرهم بالمرور تحت الظلال الثابتة ولا أقل من ظلال جدران بيوت القرى وأبنيتها الّتي يمرّون بها ، بل نفس الأمر برفع الستار والحجاب ونحوه ظاهر في أنّ الممنوع إحداث الستر وإيجاد المانع عن الاضحاء وشروق الشمس عليه ، وأمّا الظل الثابت المستقر فلا يشمله النهي ، نظير المشي تحت السحاب فإنّه لا يتوهّم المنع عنه ، ولا
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٥٢٥ / أبواب تروك الإحرام ب ٦٧ ح ٤.
(٢) المنتهي ٢ : ٧٩٢ السطر ٥.
(٣) إيضاح الفوائد ١ : ٢٩٦.