مسألة ٣٨ : إذا كان له مال غائب يفي بنفقات الحجّ منفرداً أو منضمّاً إلى المال الموجود عنده ، فإن لم يكن متمكّناً من التصرّف في ذلك المال ولو بتوكيل من يبيعه هناك لم يجب عليه الحجّ (١)
وثانياً بالحل ، فإنّ المكلّف بالنسبة إلى نفسه لا يعلم بوقوعه في المخالفة ، ولو علم لكان من العلم الإجمالي في التدريجيّات ويجب الفحص حينئذ ولكنّه خارج عن محل الكلام ، وأمّا بالنسبة إلى سائر الناس فإنّه قد يعلم بوقوعهم في الخلاف ولكن لا أثر لذلك بالنسبة إلى نفسه.
ومنها : خبر زيد الصائغ الوارد في الدراهم الممتزجة من الفضّة والمس والرصاص الآمر بتخليصها وتصفيتها حتّى يحترق الخبيث ويبقى الخالص قال : «قلت : وإن كنت لا أعلم ما فيها من الفضّة الخالصة إلّا أنّي أعلم أنّ فيها ما يجب فيه الزّكاة؟ قال : فاسبكها حتّى تخلص الفضّة ويحترق الخبيث ثمّ تزكي ما خلص من الفضّة لسنة واحدة» (١) فإنّ الأمر بالتخليص ليس إلّا لاعتبار الفحص وإلّا فلا موجب له.
والجواب عن ذلك أوّلاً : أنّ الخبر ضعيف السند بزيد الصائغ وثانياً : أنّه ضعيف الدلالة ، بأنّه لو كانت الدراهم ممتزجة من ثلاثة أشياء فيتمكّن المكلّف من إعطاء الزّكاة بنسبة المال الموجود في الدراهم ولا حاجة إلى إعمال هذه العمليّة من سبك الدراهم وتخليصها. والظاهر أنّ الرواية في مقام بيان تعليم كيفيّة التخليص وليست في مقام بيان وجوب الفحص.
فتحصل : أنّه لا دليل على وجوب الفحص في هذه الموارد ، وللمكلّف أن يعمل بالأُصول الشرعيّة الجارية فيها.
(١) لعدم صدق الاستطاعة ، لأنّ العبرة في تحقق الوجوب بالتمكّن من التصرّف ومجرّد الملكيّة لا يحقق موضوع الاستطاعة.
__________________
(١) الوسائل ٩ : ٢٥٥ / أبواب المستحقين للزكاة ب ٢١ ح ٢.