مسألة ٤١ : كما يعتبر في وجوب الحجّ وجود الزاد والرّاحلة حدوثاً كذلك يعتبر بقاءً إلى تمام الأعمال (١). بل إلى العود إلى وطنه (٢) فإن تلف المال في بلده أو في أثناء الطريق لم يجب عليه الحجّ وكشف ذلك عن عدم الاستطاعة من أوّل الأمر.
الأصليّة في عدم حصول الاستطاعة بذلك كما في المستمسك (١) ، فيرد عليه بوضوح الفرق بينهما ، لصدق الاستطاعة بالإباحة المالكية عرفاً وعدم صدقها بمجرّد إباحة الأسماك في البحر له ، نعم لو صاد السمك وحاز المباحات واستولى عليها تحقق عنوان الاستطاعة ، وأمّا مجرّد الجواز الشرعي للحيازة فلا يحقق الاستيلاء لتحصل الاستطاعة.
(١) مقتضى الأدلّة الدالّة على اعتبار الاستطاعة في وجوب الحجّ اعتبار بقائها إلى تمام الأعمال ، بمعنى أنّه يلزم الإتيان بأعمال الحجّ عن استطاعة ، لأنّ الحجّ عبارة عن مجموع الأعمال المعهودة فلا بدّ من اقترانها بالاستطاعة ، وإلّا كما لو تلف المال في أثناء الطريق أو في أثناء الأعمال يكشف عن عدم الاستطاعة من أوّل الأمر ، فلا يجزي عن حجّة الإسلام كما لو حجّ من الأوّل عن غير استطاعة.
(٢) بمعنى أنّه لو فقد مصارف العود إلى وطنه في أثناء الطريق أو في أثناء الأعمال كشف ذلك عن عدم الاستطاعة من الأوّل ، فإنّ الحجّ إنّما يجب على من كان واجداً للزاد والرّاحلة إلى تمام الأعمال ، فلو فقدهما في أثناء الطريق أو في أثناء الأعمال يكشف عن عدم كونه مستطيعاً وعدم كونه واجداً لهما من أوّل الأمر.
نعم ، لو حجّ وانتهى من الأعمال ثمّ فقد مصارف العود إلى وطنه فذلك لا يضر بصحّة حجّه وأجزأه عن حجّة الإسلام ، لأنّه إنّما اعتبرنا مئونة الإياب لأجل الحرج في البقاء في مكّة ، ولا يجري نفي الحرج بعد الانتهاء من الأعمال ، لاستلزامه خلاف الامتنان إذ لا امتنان في الحكم بالفساد بعد إتيان العمل.
__________________
(١) المستمسك ١٠ : ١١٧.