مسألة ١٦٧ : كما لا يجوز تقديم الإحرام على الميقات لا يجوز تأخيره عنه ، فلا يجوز لمن أراد الحجّ أو العمرة أو دخول مكّة أن يتجاوز الميقات اختياراً إلّا محرماً حتّى إذا كان أمامه ميقات آخر ، فلو تجاوزه وجب العود إليه مع الإمكان (١).
الآخر ولا العكس ، وإنّما هما أمران متلازمان في الخارج ، فإذا وجد أحدهما في الخارج لا يوجد الآخر طبعاً. والإحرام من الميقات ومن المكان المنذور ليس بينهما أيّ علّيّة ومعلوليّة ، وإتيان أحدهما لا يكون مفوتاً للآخر ، بل تفويت الآخر عند وجود أحدهما ملازم ومقارن له.
بل يمكن أن يقال باستحالة الحكم بالفساد ، وذلك لأنّ حرمة الإحرام من الميقات متوقفة على كونه صحيحاً ، لأنّه لو لم يكن صحيحاً لا يكون مفوتاً ، وما فرض صحّته كيف يكون فاسداً وحراماً؟.
(١) لا إشكال في أنّه لا يجوز تأخير الإحرام اختياراً عن الميقات إجماعاً بقسميه كما في الجواهر (١) ، والنصوص الكثيرة المتقدّمة المصرّحة بذلك :
منها : صحيحة الحلبي «لا ينبغي لحاج ولا لمعتمر أن يحرم قبلها ولا بعدها» (٢) وفي صحيحة علي بن جعفر «فليس لأحد أن يعدو من هذه المواقيت إلى غيرها» (٣) وغير ذلك من الرّوايات (٤) ، ومقتضى إطلاقها عدم الفرق بين أن يكون أمامه ميقات آخر أم لا.
ويؤكّد ذلك : أنّ مقتضى هذه النصوص عدم التجاوز لأهل المدينة عن مسجد الشجرة ، مع أنّ أمامهم ميقات آخر وهو الجحفة.
ثمّ إنّه لو لم يحرم من الميقات وجب العود إليه مع الإمكان ، لأنّ روايات التوقيت ظاهرة في الوجوب التعييني وبيان وظيفته ، فيجب عليه الرّجوع لأداء الوظيفة
__________________
(١) الجواهر ١٨ : ١٣٥.
(٢) الوسائل ١١ : ٣٠٨ / أبواب المواقيت ب ١ ح ٣.
(٣) الوسائل ١١ : ٣١٠ / أبواب المواقيت ب ١ ح ٩.
(٤) الوسائل ١١ : ٣٣٢ / أبواب المواقيت ب ١٦.