والأحوط الاجتناب في هاتين الصورتين ، كما أنّ الأحوط الأولى التكفير فيهما.

٤ ـ الاكتحال بكحل غير أسود ، ولا يقصد به الزينة ، ولا بأس به ولا كفّارة عليه بلا إشكال.


وبإزائهما طائفة ثالثة وهي روايات معتبرة دلّت على جواز الكحل في بعض الأقسام وعدم جوازه في القسم الآخر ، فتكون مقيّدة لإطلاق الطائفتين المتقدمتين ، فمنها : ما دلّ على عدم الجواز إذا كان الكحل أسود ، وهو مدرك المشهور كصحيحة معاوية بن عمار قال : «لا يكتحل الرجل والمرأة المحرمان بالكحل الأسود إلّا من علّة» (١).

ومنها : ما دلّ على عدم الجواز إذا كان للزينة ، كصحيحة أُخرى لمعاوية بن عمار «لا بأس بأن تكتحل وأنت محرم بما لم يكن فيه طيب يوجد ريحه ، فأمّا للزينة فلا» (٢) وهما أيضاً متعارضتان ، لأنّ المستفاد من الاولى عدم الجواز بالكحل الأسود والجواز إذا كان غير أسود وإن كان للزينة ، والمستفاد من الثانية عدم جواز الاكتحال للزينة وإن كان غير أسود والجواز بالأسود إذا لم يكن للزينة ، فالتعارض يقع بين عقد الإيجاب من أحدهما وبين عقد السلب من الآخر ، وإلّا فلا منافاة بينهما بالنسبة إلى عقد الإيجاب من كل منهما ، فإنّ الأُولى تقول بحرمة السواد والثانية تقول بحرمة الزينة ولا منافاة بين الأمرين وحرمة كل منهما ، وإنّما التنافي بين عقد الإيجاب من أحدهما للعقد السلبي من الآخر ، فان مقتضى الرواية الأُولى حرمة الاكتحال بالسواد مطلقاً سواء كان للزينة أم لا ، ومقتضى العقد السلبي للثانية جواز الاكتحال لغير الزينة وإن كان أسود ، كما أن مقتضى العقد الإيجابي للثانية حرمة الكحل للزينة ومقتضى العقد السلبي للأوّل جواز غير الأسود وإن كان للزينة.

وقد ذكرنا في الأُصول في بحث المفاهيم (٣) أنّه إذا كان قضيتان شرطيتان دلّتا على

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٤٦٨ / أبواب تروك الإحرام ب ٣٣ ح ٢.

(٢) الوسائل ١٢ : ٤٧٠ / أبواب تروك الإحرام ب ٣٣ ح ٨.

(٣) في محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ٩٧ الثالث : إذا تعدّد الشرط واتّحد الجزاء.

۵۵۴