مسألة ٤٩ : لا يجب بالبذل إلّا الحجّ الّذي هو وظيفة المبذول له على تقدير استطاعته ، فلو كانت وظيفته حجّ التمتّع فبذل له حجّ القِران أو الإفراد لم يجب عليه القبول وبالعكس (١). وكذلك الحال لو بذل لمن حجّ حجّة الإسلام (٢). وأمّا من استقرّت عليه حجّة الإسلام وصار معسراً فبذل له وجب عليه ذلك (٣). وكذلك من وجب عليه الحجّ لنذر أو شبهه ولم يتمكّن منه (٤).


(١) فإنّ البذل لا يغيّر وظيفته من قسم خاص إلى قسم آخر من الحجّ ، وإنّما البذل يحقق له الاستطاعة. وبعبارة اخرى : المستفاد من النصوص أنّ الاستطاعة المعتبرة في الحجّ غير منحصرة بالماليّة بل تتحقّق بالبذل أيضاً ، فلا فرق بين المستطيع المالي والبذلي في الوظائف المقرّرة له.

(٢) فإنّه لا يجب عليه القبول ، لأنّ المفروض أنّه قد أدّى الواجب ولا يجب عليه الإتيان ثانياً.

(٣) لحصول القدرة على الامتثال بهذا البذل ، فإنّ الواجب عليه إتيان الحجّ متى قدر عليه وتمكّن منه ولو بالقدرة العقليّة ، فإنّ حال الحجّ حينئذ حال سائر الواجبات الإلهيّة من اعتبار القدرة العقليّة فيها ، فوجوب القبول في هذا المورد ليس لأجل أخبار البذل ، لأنّ تلك الأخبار في مقام توسعة الاستطاعة الخاصّة المعتبرة في حجّ الإسلام ، وأمّا وجوب الحجّ على من استقرّت عليه حجّة الإسلام فلم يعتبر فيه الاستطاعة الخاصّة المفسّرة في الرّوايات ، بل حاله حال سائر التكاليف في الاكتفاء بالقدرة العقليّة في وجوب الإتيان بها ، والمفروض حصول القدرة في الصورة المذكورة ، ولذا لو وهب له مال على نحو الإطلاق يجب عليه القبول ، لأنّه يحصل له التمكّن من الامتثال والقدرة على الإتيان فيجب عليه تفريغ ذمّته بحكم العقل.

(٤) لمّا عرفت من أنّ القدرة الخاصّة المعتبرة في الحجّ المفسّرة في الرّوايات بالزاد والرّاحلة وغيرهما إنّما تعتبر في حجّة الإسلام خاصّة ، وأمّا سائر أقسام الحجّ الواجبة فلا يعتبر فيها إلّا القدرة العقليّة المعتبرة في سائر الواجبات الإلهيّة ، فمتى حصلت له

۵۵۴