مسألة ٥٦ : إذا بذل له مال فحجّ به ثمّ انكشف أنّه كان مغصوباً لم يجزئه عن حجّة الإسلام (١). وللمالك أن يرجع إلى الباذل أو إلى المبذول له ، لكنّه إذا رجع إلى المبذول له رجع هو إلى الباذل إن كان جاهلاً بالحال وإلّا فليس له الرّجوع (٢).
الفقير فيعطي زكاته له ويشترط عليه بأن يبني داره ، أو يخيط ثوبه أو يصلّي عن أبيه أو امّه كذا مقدار وهكذا ، وهذا معلوم البطلان ولم يلتزم به أحد من الفقهاء.
(١) لعدم صدق البذل على بذل مال غيره فالاستطاعة البذليّة غير متحققة.
وربما يقال بالإجزاء لجواز تصرّف المبذول له في المال لفرض جهله بالغصب.
وفيه : أنّ الجواز جواز ظاهري وهو لا يحقق عنوان الاستطاعة ، إذ بعد ما تبيّن أنّ المال كان مغصوباً وأنّ البذل غير ممضى شرعاً في الواقع فلم يتحقق البذل حقيقة وإنّما كان ذلك من تخيّل البذل وهو غير موجب للاستطاعة.
(٢) أمّا جواز رجوعه إلى الباذل فواضح ، لأنّه أتلف مال الغير واستولى عليه عدواناً ، فمقتضى قاعدة على اليد المؤكّدة بالسيرة العقلائيّة هو الضمان من دون فرق بين كون الباذل عالماً بالغصب أو جاهلاً به ، لعدم استناد الضمان إلى قاعدة الغرور حتّى يفرّق بين صورتي العلم والجهل ، بل استناداً إلى بناء العقلاء وسيرتهم القاضية بالضمان حتّى في صورة الجهل.
وأمّا جواز الرّجوع إلى المبذول له فكذلك ، لأنّه أتلف المال بنفسه وتصرّف فيه تصرّفاً عدوانيّاً من دون فرق بين كونه عالماً بالغصب أو جاهلاً به ، وهذا من صغريات مسألة تعاقب الأيدي على المال المغصوب.
ولكن لو رجع المالك إلى الباذل بالبدل وأعطاه الباذل لم يكن للباذل الرّجوع إلى المبذول له ، لأنّ الباذل بعد ما أعطى البدل للمالك صار المال المغصوب ملكاً له بقاءً وخرج عن ملك مالكه الأوّل ببناء العقلاء لئلّا يلزم الجمع بين البدل والمبدل ، فإذا صار المبدل ملكاً للباذل والمفروض أنّ الباذل أسقط ضمان ماله لأنّه سلّط المبذول له على ماله مجاناً ، ومعه ليس له الرّجوع إلى المبذول له.